الوثاقة في كل من ناسخي الكتاب لا يبعد دخوله في المتعارضين، كالقسم الأول.
بقي الكلام في الاخبار التي استدل بها على التخيير بين المتعارضين، ولم نجد منها إلا ثمان روايات:
(منها) - ما عن فقه الرضا (عليه السلام): " والنفساء تدع الصلاة أكثره مثل أيام حيضة وهي عشرة أيام، وتستظهر بثلاثة أيام ثم نغتسل، فإذا رأت الدم عملت كما تعمل المستحاضة، وقد روي ثمانية عشرة يوما، وروي ثلاث وعشرين يوما وبأي هذه الأحاديث أخذ من جهة التسليم جاز " ودلالة هذه الرواية وإن كانت تامة إلا أنه قد ذكرنا في بحث الفقه أنه لم تثبت حجية الكتاب المذكور، فلا يمكن الاعتماد على الروايات المذكورة فيه.
و (منها) - ما في ذيل المرفوعة من قوله (ع) بعد فرض الراوي كلا الخبرين موافقا للاحتياط أو مخالفا له: " إذا فتخير أحدهما فتأخذ به ودع الاخر " وفيه ما تقدم من عدم صحة الاعتماد على هذه الرواية لضعفها من جهات، مضافا إلى أن حكم الإمام (عليه السلام) فيها بالتخيير إنما هو بعد فرض الراوي الشهرة في كل من المتعارضين، فيكون موردها الخبرين المقطوع صدورهما على ما ذكرناه من أن المراد بالشهرة هو معناها اللغوي، وحكم الإمام (عليه السلام) - بالتخيير فيما إذا كان كل من المتعارضين قطعي الصدور - لا يدل على التخيير فيما إذا كان كل منهما ظنيا من حيث الصدور، كما هو محل الكلام. وتوهم أن المورد لا يكون مخصصا قد تقدم دفعه، فلا نعيد.
و (منها) - ما رواه أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي عن الحسن بن الجهم عن الرضا (عليه السلام) " قلت: يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين، ولا نعلم أيهما الحق؟ قال (ع): فإذا لم تعلم فموسع عليك بأيهما أخذت " وهذه الرواية