بما هو مشكوك فيه، فلا يكون في المقام إلا الحكم الواقعي الوارد على جميع الأشياء المعلومة أو المشكوك فيها، بل يمكن أن يقال إن الحكم المذكور في قوله (ع): كل شئ نظيف لا يكون شاملا للشئ المشكوك فيه أصلا، لان عموم قوله (ع): كل شئ قد خصص بمخصصات كثيرة دالة على نجاسة بعض الأشياء كالكلب والكافر والبول وسائر النجاسات. والمائع المردد بين الماء والبول مثلا لا يمكن التمسك لطهارته بعموم قوله (ع): كل شئ نظيف، لكونه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، فالشئ المشكوك فيه لا يكون داخلا في عموم قوله (ع): كل شئ نطيف لامن حيث الحكم الظاهري، لان الموضوع هو الشئ لا المشكوك فيه، ولا من حيث الحكم الواقعي، لكونه مشكوكا بالشبهة المصداقية.
وهذا الاشكال متين جدا ولا دافع له، وظهر منه عدم صحة الاحتمال الرابع، وهو أن يكون المراد الطهارة الواقعية للأشياء بعناوينها الأولية، والطهارة الظاهرية للأشياء المشكوك فيها، لعدم امكان الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري على ما تقدم.
وأما الاحتمال السادس الذي اختاره في الكفاية، وهو أن يكون المراد الطهارة الواقعية والاستصحاب على ما تقدم بيانه وأيده بقوله (ع) في موثقة عمار: فإذا علمت فقد قذر، بدعوى ظهوره في أنه متفرع على الغاية وحدها، فيكون بيانا لمفهومها وأن الحكم باستمرار الطهارة ينتفي بعد العلم بالنجاسة، ففيه أنه لا يمكن الجمع بين الطهارة الواقعية والاستصحاب في الاستفادة من الأخبار المذكورة، لان قوله (ع): حتى تعلم إما ان يكون قيدا للموضوع أو للمحمول، ولا تستفاد الطهارة الواقعية والاستصحاب على كلا الوجهين. أما إن كان قيدا للموضوع كما في قوله تعالى: " فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق... " فان الغاية قيد للموضوع وهو اليد وتحديد للمغسول، لان اليد قد تطلق على جميع العضو إلى المنكب، وقد