يكون فعليا من جميع الجهات، و (أخرى) يكون فعليا من بعض الجهات دون بعض.
ويعبر عن الثاني بالحكم التعليقي مرة وبالحكم التقديري أخرى، كما يعبر عن الأول بالحكم التنجيزي. والكلام في جريان الاستصحاب في الحكم التعليقي إنما هو بعد الفراغ عن جريان الاستصحاب في الاحكام الكلية التنجيزية، لأنه مع الالتزام بعدم جريان الاستصحاب فيها - كما هو المختار - كان البحث عن جريان الاستصحاب في الاحكام التعليقية ساقطا. وقبل التكلم في جريان الاستصحاب التعليقي وعدمه لابد من بيان مقدمة، وهي أن العناوين المأخوذة في موضوعات الاحكام على أقسام:
فتارة يكون أخذ العنوان لمجرد الإشارة إلى حقيقة المعنون بلا دخل للعنوان في ثبوت الحكم، بحيث يفهم العرف من نفس الدليل الدال على الحكم أن الحكم ثابت لهذا الموضوع، مع تبدل العنوان المأخوذ بعنوان آخر، كعنوان الحنطة والشعير مثلا، فإنه إذا دل دليل على أن الحنطة حلال، يستفاد منه عرفا أن الحلية ثابتة لحقيقة الحنطة - ولو مع تبدل هذا العنوان - كما إذا صار دقيقا ثم عجينا ثم خبزا، فيستفاد من حليتها الحلية في جميع هذه التبدلات، ففي مثل ذلك لا نشك في بقاء الحكم في حال من الحالات، حتى نحتاج إلى الاستصحاب، و (أخرى) يكون الامر بعكس ذلك - أي يفهم العرف من نفس الدليل أن الحكم دائر مدار العنوان فيرتفع بارتفاعه - كما في موارد الاستحالة كاستحالة الكلب ملحا ونحوها من موارد الاستحالات. وقد يستفاد ذلك في غير موارد الاستحالة، كما في حرمة الخمر، فإنها تابعة لصدق عنوانه، فإذا تبدل عنوانه لم يحتمل بقاء حكمه، ففي أمثال ذلك نقطع بارتفاع الحكم بمجرد تبدل العنوان، فلا تصل النوبة إلى الاستصحاب. و (ثالثة) لا يستفاد أحد الامرين من نفس الدليل، فنشك في بقاء الحكم بعد تبدل العنوان، لاحتمال مدخلية العنوان في ترتب الحكم، وهذا كالتغير المأخوذ في نجاسة الماء،