الدخول في الغير بعد الالتزام باطلاقه.
(أما المقام الأول) فقد قيل بعدم اطلاق الأدلة، واستدل له بوجوه:
(الوجه الأول) - أن المطلق منصرف إلى الافراد الغالبة، فلا يشمل الفرد النادر. والغالب في الشك في الصحة بعد الفراغ هو الشك بعد الدخول في الغير.
وفيه أن الممنوع هو اختصاص الحكم بالفرد النادر لا شموله له، إذ كون الفرد نادرا لا يوجب خروجه عن الطبيعة المطلقة. ولذا لا مجال لتوهم اختصاص الحكم بعدم جواز الصلاة في أجزاء غير المأكول باجزاء الحيوانات التي يبتلي المكلف بها غالبا، فان إطلاق قوله (ع): - " وان كان مما قد نهيت عن اكله، فالصلاة في كل شئ منه فاسد " - يشمل الحيوانات النادرة أيضا كالكر كدن مثلا.
(الوجه الثاني) - أن شمول الاطلاق - في مثل قوله (ع) في موثقة ابن بكير: " كل ما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو " للشك قبل الدخول في الغير - يحتاج إلى جريان مقدمات الحكمة على ما تقدم نقله عن صاحب الكفاية (ره).
وقد تقدم الجواب عن هذا الوجه عند التكلم في كون قاعدة التجاوز من القواعد العامة، فلا حاجة إلى الإعادة.
(الوجه الثالث) - ما ذكره المحقق النائيني (ره) واعتمد عليه، وهو أن شمول الحكم لجميع أفراد الطبيعة إنما هو فيما إذا كانت الطبيعة غير مشككة في الصدق كالماء، فان صدقه على ماء البحر والمطر والبئر وغيرها من أفراد الماء على حد سواء، فالحكم بأن الماء طاهر يشمل جميع الافراد، بخلاف ما إذا كانت الطبيعة مشككة في الصدق كالحيوان، فان صدقه على الانسان لا يخلو من خفاء في نظر العرف، مع كونه عبارة عن جسم ذي حياة، والانسان كذلك، لكن صدقه عليه لا يخلو من خفاه