ثم أورد على نفسه بأن استصحاب عدم المنع تترتب عليه الرخصة والاذن، فأجاب بأن المنع عن الفعل والاذن فيه متضادان، فلا يمكن اثبات أحدهما بنفي الآخر، إلا على القول بالأصل المثبت. انتهى ملخصا.
وحق الجواب عنه هو ما ذكره صاحب الكفاية (ره) في التنبيه التاسع من أن عدم ترتب الأثر غير الشرعي بالاستصحاب إنما هو بالنسبة إلى الآثار الواقعية للمستصحب، وأما إذا كانت الآثار آثارا للأعم من الوجود الواقعي والظاهري، فلا مانع من ترتبها على الاستصحاب. واستحقاق العقاب وعدمه من هذا القبيل، فإنه وان كان من الاحكام العقلية، إلا أنه اثر لمطلق عدم المنع أعم من الواقعي والظاهري، فان العقل كما يحكم بعدم استحقاق العقاب بفعل ما ليس بحرام واقعا، كذلك يحكم بعدم استحقاق العقاب بفعل ما ليس بحرام ظاهرا، فلا مانع من ترتب عدم استحقاق العقاب على استصحاب البراءة وعدم المنع، فإنه بعد ثبوت البراءة من التكليف وعدم المنع من قبل الشارع عن الفعل، يحرز موضوع حكم العقل بعدم استحقاق العقاب بالوجدان.
وملخص الكلام في المقام أن ما ذكره الشيخ (ره) - من أنه بعد جريان الاستصحاب إما أن يحتمل العقاب وإما أن يجزم بعدمه - مندفع باختيار الشق الثاني، فإنه بعد إحراز عدم التكليف ظاهرا بالاستصحاب، يكون عدم استحقاق العقاب محرزا بالوجدان، لتحقق موضوعه، فلا اشكال في التمسك بالاستصحاب لاثبات البراءة.
(التنبيه التاسع) - ذكر صاحب الكفاية (ره) أنه لابد في جريان الاستصحاب من كون المستصحب حكما شرعيا أو ذا حكم شرعي بقاء، ولا يقدح فيه عدم كونه حكما شرعيا أو ذا حكم شرعي حدوثا، لصدق نقض اليقين بالشك على رفع اليد عنه حينئذ، فالتعبد ببقاء الحالة السابقة لا يتوقف على ثبوت أثر لحدوثها،