وظهر بطلان الاحتمال الثالث أيضا، وهو أن يكون المراد الاستصحاب فقط. فتحصل أن الأخبار المذكورة متمحضة لقاعدة الطهارة الظاهرية للأشياء المشكوك فيها.
بقي الكلام فيما ذكره الشيخ (ره) من أن خصوص الخبر الوارد في طهارة الماء يدل على الاستصحاب، وهو قوله (ع): " الماء كله طاهر حتى تعلم أنه نجس... " لان طهارة الماء معلومة، ويكون المراد الحكم ببقائها إلى زمان العلم بالنجاسة. وفيه أن طهارة الماء وان كانت معلومة، إلا أن الحكم بطهارته في الرواية ليس مستندا إلى طهارته السابقة حتى يكون استصحابا، بل الحكم بطهارته إنما هو بملاحظة الشك، فلا يستفاد منه أيضا إلا الطهارة الظاهرية في خصوص الماء. نعم لا مانع من استفادة الاستصحاب من رواية أخرى ذكرها الشيخ (ره) وهي ما ورد في إعارة الثوب للذمي، لان الحكم بالطهارة في الثوب مستند إلى طهارته السابقة، لقوله (ع):
" لأنك أعرته إياه وهو طاهر ولم تستيقن أنه نجسه... " لكنه مختص بباب الطهارة، ولا وجه للتعدي عن المورد إلا عدم القول بالفصل، وأنى لنا باثباته، فلم يبق لنا دليل صالح للاستصحاب إلا الاخبار التي ذكرناها، وعمدتها الصحاح الثلاث.
والمتحصل مما ذكرناه حجية الاستصحاب بلا اختصاص لها بباب دون باب على ما تقدم، إلا أنه ينبغي لنا التعرض لتفصيلين آخرين ذكرا في المقام: (الأول) التفصيل في الشك في الرافع بين الشك في وجود الرافع والشك في رافعية الموجود بالالتزام بحجية الاستصحاب في الأول دون الثاني. (الثاني) التفصيل بين الأحكام التكليفية والوضعية.
أما التفصيل الأول فقد التزم به المحقق السبزواري (ره) بتقريب أن الشك