على وجوب صلاة الجمعة - نافيا لوجوب صلاة الظهر بالالتزام. والدليل على وجوب صلاة الظهر نافيا لوجوب صلاة الجمعة كذلك.
وظهر بما ذكرناه من معنى التعارض: أن موارد التخصص - والورود والحكومة والتخصيص - خارجة عن التعارض، لعدم التنافي بين مدلول دليلين في هذه الموارد، أما مورد التخصص، فخروجه - عن التعارض - واضح، فان التخصص هو خروج موضوع أحد الدليلين عن موضوع الاخر بالوجدان. فلا مجال لتوهم التنافي بين الدليلين أصلا، فإذا دل دليل على حرمة الخمر مثلا، لا مجال لتوهم التنافي بينه وبين ما يدل على حلية الماء، إذ الماء خارج عن موضوع الخمر بالوجدان.
وكذا الورود، فإنه أيضا عبارة عن الخروج الموضوعي بالوجدان. غاية الامر أن الخروج المذكور من جهة التعبد الشرعي. (توضح ذلك): أنه بالتعبد الشرعي يتحقق أمران:
(أحدهما) - تعبدي. و (الاخر) وجداني. أما الامر التعبدي، فهو ثبوت المتعبد به، فإنه ليس بالوجدان، بل بالتعبد. وأما الامر الوجداني، فهو نفس التعبد، فإنه ثابت بالوجدان لا بالتعبد، وإلا يلزم التسلسل. ولذا ذكرنا في محله أن حجية كل امارة ظنية لابد من أن تنتهي إلى العلم الوجداني، وإلا يلزم التسلسل.
مثلا إذا تعبدنا الشارع بحجية خبر العادل، فحجية الخبر تعبدي. وأما نفس التعبد فهو ثابت بالوجدان، فالورود هو الخروج الموضوعي بنفس التعبد الثابت بالوجدان كما في موارد قيام الدليل الشرعي بالنسبة إلى الأصول العقلية: كالبراءة والاشتغال والتخيير، فان موضوع حكم العقل بالبراءة عدم البيان، إذ ملاك حكمه بها هو قبح العقاب لا بيان. وقيام الدليل الشرعي يكون بيانا، فينتفي موضوع حكم العقل بالوجدان ببركة التعبد بحجية هذا الدليل. وكذا الكلام بالنسبة إلى الاشتغال والتخيير، فان موضوع حكم العقل بالاشتغال احتمال الضرر. وموضوع حكمه بالتخيير التحير