ثم إن أقسام استصحاب الكلي أربعة:
(القسم الأول) - ما إذا علمنا بتحقق الكلي في ضمن فرد معين، ثم شككنا في بقاء هذا الفرد وارتفاعه، فلا محالة نشك في بقاء الكلي وارتفاعه أيضا، فإذا كان الأثر للكلي، فيجري الاستصحاب فيه، مثاله المعروف ما إذا علمنا بوجود زيد في الدار فنعلم بوجود الانسان فيها ثم شككنا في خروج زيد عنها فنشك في بقاء الانسان فيها، فلا اشكال في جريان الاستصحاب في بقائه إذا كان له أثر.
(القسم الثاني) - ما إذا علمنا بوجود الكلي في ضمن فرد مردد بين متيقن الارتفاع ومتيقن البقاء، كما إذا علمنا بوجود إنسان في الدار مع الشك في كونه زيدا أو عمرا، مع العلم بأنه لو كان زيدا لخرج يقينا ولو كان عمرا فقد بقي يقينا، ومثاله في الحكم الشرعي ما إذا رأينا رطوبة مشتبهة بين البول والمني فتوضأنا، فنعلم أنه لو كان الحدث الموجود هو الأصغر فقد ارتفع، ولو كان هو الأكبر فقد بقي، وكذا لو اغتسلنا في المثال فنعلم أنه لو كان الحدث هو الأكبر فقد ارتفع، وإن كان هو الأصغر فقد بقي، لعدم ارتفاعه بالغسل، فنجري الاستصحاب في الحدث الجامع بين الأكبر والأصغر ونحكم بترتب أثره، كحرمة مس كتابة القرآن وعدم جواز الدخول في الصلاة. وهذا هو القسم الثاني الذي ذكره الشيخ (ره) وتبعه جماعة ممن تأخر عنه، والظاهر أن تخصيص هذا القسم - بأن يكون الفرد مرددا بين متيقن الارتفاع ومتيقن البقاء - إنما هو لمجرد التمثيل، وإلا فيكفي في جريان الاستصحاب مجرد احتمال البقاء، فلو كان الفرد مرددا بين متيقن الارتفاع ومحتمل البقاء لكان الاستصحاب جاريا في الكلي، ويكون أيضا من القسم الثاني.
(القسم الثالث) - ما إذا علمنا بوجود الكلي في ضمن فرد معين وعلمنا بارتفاع هذا الفرد لكن احتملنا وجود فرد آخر مقارن مع وجود الفرد الأول أو مقارن