هو الشك في صحة الكل، كالشك في صحة الصلاة بعد الفراغ منها. ومورد قاعدة التجاوز هو الشك في وجود الجزء، فجعل قاعدة الفراغ يحتاج إلى لحاظ الكل بالاستقلال، ولحاظ الجزء بالتبع، وبالتصور التبعي الاندكاكي. وجعل قاعدة التجاوز يحتاج إلى لحاظ الجزء باللحاظ الاستقلالي، فالجمع بين القاعدتين يستلزم تعلق اللحاظ الاستقلالي والتبعي بشئ واحد، وهو مما لا يمكن.
ويمكن الجواب عنه بوجوه: (الأول) - أنه لا اختصاص لقاعدة الفراغ بالشك في صحة الكل، بل تجري عند الشك في صحة الجزء أيضا. ولعله المشهور، فعلى تقدير تعدد القاعدتين أيضا يلزم تعلق اللحاظ الاستقلالي والتبعي بالجزء في جعل نفس قاعدة الفراغ، فما به الجواب على تقدير التعدد يجاب به على تقدير الاتحاد أيضا. (الثاني) - أن الجمع بين القاعدتين ممكن بالغاء الخصوصيات على ما ذكرناه.
فان لحاظ الكل والجزء بما هما كل وجزء يستلزم اجتماع اللحاظ الاستقلالي والتبعي في الجزء، بخلاف لحاظهما مع الغاء خصوصية الجزئية والكلية، بأن يلاحظ لفظ عام شامل لهما كلفظ الشئ، ويحكم بعدم الاعتناء بالشك فيه بعد الخروج عن محله، فإنه لا محذور فيه أصلا. (الثالث) - ما ذكرناه أخيرا من أن الشك في صحة الصلاة مثلا بعد الفراغ منها يكون ناشئا من الشك في وجود الجزء أو الشرط، فيكون موردا لقاعدة التجاوز، ويحكم بوجود المشكوك فيه، فلا حاجة إلى جعل قاعدة الفراغ مستقلا.
(الوجه الثالث) - أن الجمع بين القاعدتين يستلزم استعمال اللفظ في المعنى الحقيقي والمعنى العنائي. وهو لا يجوز. وذلك، لان التجاوز عن الشئ في مورد قاعدة الفراغ هو التجاوز الحقيقي، إذ الشك متعلق بصحته مع العلم بوجوده، فيصدق التجاوز عنه حقيقة. بخلاف التجاوز في مورد قاعدة التجاوز، فإنه لا يصدق التجاوز الحقيقي