الفراغ ولا قاعدة التجاوز، بلا فرق بين كون الشك بعد الدخول في كلمة لاحقة أو حرف لا حق أو قبله، لأن الشك في الموالاة ههنا يكون في الحقيقة شكا في وجود الكلام أو الكلمة مع عدم تجاوز المحل، فلا تجري قاعدة الفراغ لعدم كون الشك شكا في الصحة، بل في الوجود. ولا قاعدة التجاوز لعدم تجاوز المحل، فلابد من الاعتناء بالشك.
وظهر بما ذكرناه حكم الشك في النية، فان النية بمعنى قصد القربة من الأمور المعتبرة في العبادات شرعا لا من الشرائط العقلية على ما ذكرناه في محله، فلو شك في تحققها بعد الفراغ من العمل تجري قاعدة الفراغ بلا اشكال. وكذا لو شك في أثناء العمل في تحققها حين الاتيان بالاجزاء السابقة، تجري قاعدة الفراغ أيضا ويحكم بصحة الاجزاء السابقة.
وأما النية بمعنى قصد العنوان، فهي من الأمور المعتبرة عقلا، لتوقف صدق عنوان المأمور به على قصده، فلو شك - بعد الفراغ من ذات العمل - في أنه أتى به بقصد عنوان المأمور به أم لا؟ كما إذا أتى بركعتين من الصلاة ثم شك بعد الفراغ في أنه أتى بهما بعنوان صلاة الصبح مثلا أو أتى بهما للتمرين مثلا، فلا مجال لجريان قاعدة الفراغ، إذا الشك في قصد العنوان شك في وجود المأمور به، لعدم تحقق عنوان الصلاة إلا بالقصد فلابد من الاعتناء بالشك والآتيان بالمأمور به، لقاعدة الاشتغال. وله فروع كثيرة في الفقه: (منها) - ما لو شك بعد الارتماس في الماء في أنه قصد به الغسل أو أتى به للتبريد مثلا، فلا تجري قاعدة الفراغ على ما ذكرناه.
وكذا لو شك في أثناء الصلاة في قصد العنوان بالنسبة إلى الاجزاء السابقة، كما إذا شك بعد الدخول في الركوع في أنه أتى بالقراءة بقصد عنوان الصلاة أم بعنوان آخر، لا تجري قاعدة الفراغ، لكون الشك شكا في الوجود على ما ذكرناه.