وهذا بخلاف الصحيحة الأولى، فإنه لم يصرح فيها بالتعليل غايته أن التعليل كان أظهر المحتملات.
ثم إن قوله (ع): (فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك) مذكور في موردين من الصحيحة: (الأول) بعد الجواب عن السؤال الثالث، والثاني بعد الجواب عن السؤال الأخير. وأما المورد الثاني فلا إشكال في دلالته على حجية الاستصحاب. وأما المورد الأول فقد استشكل في دلالته على حجية الاستصحاب بأن الإمام (ع) علل عدم وجوب الإعادة بعدم نقض اليقين بالشك مع أن الإعادة لو كانت واجبة لما كانت نقضا لليقين بالشك بل نقضا لليقين باليقين، للعلم بوقوع الصلاة مع النجاسة، فهذا التعليل لا ينطبق على المورد، ولذا حمل الرواية بعضهم على قاعدة اليقين، وذكر أن التمسك بها للاستصحاب غير ظاهر كما في الكفاية.
وهذا الكلام بمكان من العجب من قائله، لان قاعدة اليقين قوامها بأمرين:
(الأول) اليقين السابق والثاني الشك الساري بمعنى سريان الشك إلى ظرف المتيقن، كما إذا علمنا يوم الجمعة بعدالة زيد يوم الخميس، ثم شككنا في عدالته يوم الخميس لاحتمال كون علمنا السابق جهلا مركبا، وكلا الامرين مفقود في المقام. أما الشك ففقدانه واضح، لأن المفروض هو العلم بوقوع الصلاة مع النجاسة، فليس هنا شك. وأما اليقين فان كان المراد منه اليقين بطهارة الثوب قبل عروض الظن بالنجاسة، فهو باق بحاله ولم يتبدل بالشك، فان المكلف في فرض السؤال يعلم بطهارة ثوبه قبل عروض هذا الظن. وإن كان المراد هو اليقين بعد الظن المذكور بأن كان قد ظن بالنجاسة فنظر ولم يجدها فتيقن بالطهارة، فهذا اليقين غير مذكور في الحديث الشريف، ومجرد النظر وعدم الوجدان لا يدل على أنه تيقن بالطهارة، فالصحيحة أجنبية عن قاعدة اليقين وظاهرة في الاستصحاب. غاية الامر أنه إن أمكننا التطبيق على المورد فهو،