بطهارة الملاقي لاحد أطراف الشبهة المحصورة على ما ذكره السيد الصدر (ره) من أنه على القول بجريان استصحاب الكلي لابد من رفع اليد عن الحكم بطهارة الملاقي لاحد أطراف الشبهة، بل لعدم جريان القاعدة التي نحكم لأجلها بطهارة الملاقي في المقام، لان الحكم بطهارة الملاقي إما أن يكون لاستصحاب الطهارة في الملاقي، وإما أن يكون لجريان الاستصحاب الموضوعي وهو أصالة عدم ملاقاته النجس. وكيف كان يكون الأصل الجاري في الملاقي في مثل مسألة العباء محكوما باستصحاب النجاسة في العباء، فمن آثار هذا الاستصحاب هو الحكم بنجاسة الملاقي. ولا منافاة بين الحكم بطهارة الملاقي في سائر المقامات والحكم بنجاسته في مثل المقام، للأصل الحاكم على الأصل الجاري في الملاقي، فان التفكيك في الأصول كثير جدا، فبعد ملاقاة الماء مثلا لجميع أطراف العباء نقول: إن الماء قد لاقى شيئا كان نجسا، فيحكم ببقائه على النجاسة للاستصحاب فيحكم بنجاسة الماء، فتسمية هذه المسألة بالشبهة العبائية ليست على ما ينبغي.
ثم إن هنا فرعين لا بأس بالإشارة إليهما: (الفرع الأول) - إذا علمنا بنجاسة شئ فعلا، وشككنا في أن نجاسته ذاتية غير قابلة للتطهير أو عرضية قابلة له، كما إذا علمنا بأن هذا الثوب من الصوف نجس فعلا، ولكن لا ندري أن نجاسته لكونه من صوف الخنزير، أو لملاقاة البول مثلا. فعلى القول بجريان الاستصحاب في العدم الأزلي كما هو المختار، نحكم بعدم كونه من صوف الخنزير وبطهارته بعد الغسل.
وأما على القول بعدم جريان الاستصحاب في العدم الأزلي فيحكم بنجاسته بعد الغسل لاستصحاب كلي النجاسة، لدوران النجاسة حينئذ بين فرد مقطوع الارتفاع بعد الغسل وفرد متيقن البقاء.
(الفرع الثاني) - إذا علمنا بطهارة شئ فعلا لقاعدة الطهارة ثم عرضت له النجاسة فطهرناه، فشككنا في ارتفاعها لاحتمال كون النجاسة ذاتية غير قابلة للتطهير،