المجعولة الشرعية مشكوكة الحدوث، والأصل عدم تحققها. وفيه أن استصحاب عدم تحقق الغاية بوصف كونها غاية ليس إلا عبارة أخرى عن استصحاب الحكم، فان عدم الغاية بوصف كونها غاية عبارة عن بقاء الحكم، فاستصحابه هو استصحاب الحكم، فيجري فيه الاشكال المتقدم. هذا كله في الشبهة الحكمية، مع كون الشك في الحكم ناشئا من الشك في المفهوم أو من تعارض الأدلة.
وأما إذا كان الشك في الحكم ناشئا من احتمال حدوث تكليف آخر مع اليقين بتحقق الغاية، كما إذا علمنا بوجوب الجلوس إلى الزوال، وعلمنا بتحقق الزوال، وشككنا في وجوب الجلوس بعد الزوال لاحتمال حدوث تكليف جديد، فقد يستفاد من طي كلام الشيخ (ره) عدم جريان استصحاب وجود التكليف فيه، بل يجري فيه استصحاب عدم التكليف، لأن الشك في حدوث تكليف جديد، والأصل عدمه.
وأنكر المحقق النائيني (ره) كلا الاستصحابين، وقال: لا يجري استصحاب الوجود ولا استصحاب العدم، بل لابد من الرجوع إلى أصل آخر من البراءة أو الاشتغال، أما عدم جريان استصحاب الوجود، فلارتفاع التكليف السابق يقينا، فلو ثبت وجوب بعد الغاية فهو تكليف آخر. وأما عدم جريان استصحاب العدم، فلانه إن أريد به استصحاب عدم المجعول - أي الحكم - فهو وإن كان معدوما سابقا إلا أنه بعدم موضوعه، ولا يجري الاستصحاب في العدم الأزلي الثابت عند عدم موضوعه المعبر عنه بالعدم المحمولي. وإنما يجري في العدم المنتسب إلى المحمول بعد العلم بوجود موضوعه المعبر عنه بالعدم النعتي: وإن أريد به استصحاب عدم الجعل، حيث أن جعل وجوب الجلوس بعد الزوال مشكوك فيه - والأصل عدمه - فلا أثر لهذا الاستصحاب إلا الحكم بعدم المجعول. واثبات عدم المجعول باستصحاب عدم الجعل يتوقف على القول بالأصل المثبت، فان عدم المجعول من لوازم عدم الجعل.