وهو وجوب القصر على المسافر. وقد ذكرنا غير مرة أن الوصف المأخوذ في الموضوع يرجع إلى القضية الشرطية، وكذا القضية الشرطية ترجع إلى اعتبار قيد في الموضوع، إلا أن لسانهما مختلف بحسب مقام الاثبات، فان الموضوع في الأول هو عنوان المسافر، وفي الثاني عنوان المكلف مع كون السفر شرطا لوجوب القصر عليه، فلو سافر أحد في أول الوقت ووصل إلى وطنه آخره، وشك في أن الواجب عليه هل هو القصر لكونه مسافرا في أول الوقت، أو التمام لكونه حاضرا في آخره؟ فان كان بيان وجوب القصر على المسافر بمثل الكلام الأول، لا يمكن جريان الاستصحاب فيه، إذ الموضوع لوجوب القصر هو المسافر، وهو حاضر حين الشك، فلا يكون موضوع القضية المتيقنة والمشكوك فيها واحدا. وكذا لا يمكن الحكم بعدم وجوب القصر عليه تمسكا بمفهوم الوصف، إذ الوصف الذي ربما قيل بحجيته هو الوصف المعتمد على الموصوف، كقولنا: المكلف المسافر يقصر، بخلاف الوصف غير المعتمد، كما في المقام، فإنه ليس له مفهوم اتفاقا. وإن كان بيان وجوب القصر بمثل الكلام الثاني، فلا مانع من جريان الاستصحاب، لكون الموضوع المأخوذ فيه هو المكلف، وهو باق في ظرف الشك، ولا يمكن التمسك بمفهوم الشرط وإن كان حجة، إذا مفاده عدم وجوب القصر على من لم يسافر، ولا يستفاد منه عدم وجوب القصر في مفروض المثال، لاحتمال أن يكون السفر دخيلا في حدوث وجوب القصر عليه فقط، فيكون القصر واجبا عليه بعد تحقق السفر - ولو بعد انعدامه - كما في المثال، وأن يكون دخيلا في وجوب القصر حدوثا وبقاء، فيكون وجوب القصر دائرا مدار وجود السفر، فلا يجب عليه القصر في مفروض المثال، فتصل النوبة إلى استصحاب وجوب القصر. ولا مانع منه كما ذكرناه. هذا كله بناء على أخذ الموضوع من الدليل الأول الدال على ثبوت الحكم. فلا يمكن جريان الاستصحاب إن كان من قبيل الكلام
(٢٣٩)