عن الحجية، لما دل على طرح الخبر المخالف للكتاب والسنة، فان المراد بالسنة هو مطلق الخبر المقطوع صدوره عن المعصوم (ع) لا خصوص النبوي، كما هو ظاهر، ولا ينافي ما ذكرناه فرض الراوي الشهرة في كلتا الروايتين بعد أمره (ع) بالأخذ بالمجمع عليه، فان الشهرة بمعنى الوضوح. ومنه قولهم: شهر فلان سيفه، وسيف شاهر، فمعنى كون الروايتين مشهورتين أنهما بحيث قد رواهما جميع الأصحاب، وعلم صدورهما عن المعصوم (ع). وظهر بما ذكرناه عدم صحة الاستدلال بما في المرفوعة من قوله (ع): " خذ بما اشتهر بين أصحابك " على الترجيح بالشهرة الاصطلاحية، إذ فرض الشهرة في إحدى الروايتين بالمعنى الذي ذكرناه يوجب دخولها تحت عنوان السنة القطعية، فتكون الرواية الأخرى خارجة عن دائرة دليل الحجية طبعا، بمقتضى ما دل على طرح الخبر المخالف للكتاب والسنة على ما تقدم. مضافا إلى ما عرفت من عدم حجية المرفوعة لضعف سندها. وليس في غير المقبولة والمرفوعة من الاخبار العلاجية ذكر من الترجيح بالشهرة أصلا، فلم يثبت كون الشهرة الاصطلاحية من المرجحات. وظهر بما ذكرناه: أنه لا يمكن الاستدلال بالمقبولة ولا بالمرفوعة على الترجيح بموافقة الكتاب ومخالفة العامة، لكون موردهما الخبرين المشهورين (أي المقطوع صدورهما) فلا تدلان على الترجيح بموافقة الكتاب ومخالفة العامة فيما إذا كان الخبران مظنوني الصدور، كما هو محل الكلام. وما اشتهر - من أن المورد لا يكون مخصصا - مسلم فيما إذا كان في كلام المعصوم إطلاق أو عموم، فيؤخذ بالاطلاق أو العموم ولو كان المورد خاصا. وليس في المقبولة والمرفوعة عموم أو إطلاق بالنسبة إلى الخبر الظني، فان الإمام (عليه السلام) أمر بالأخذ بما وافق الكتاب وخالف العامة من الخبرين الذين فرض في كلام الراوي كون كليهما مشهورين.
(٤١٣)