في اعتبار الترتيب بين المرجحات وعدمه. وقسمها الشيخ (ره) على ثلاثة اقسام:
(منها) - ما يكون مرجحا، لصدور أحد المتعارضين ككون الرواية مشهورة.
و (منها) - ما يكون مرجحا لجهة صدوره، ككون إحدى الروايتين مخالفة للعامة.
و (منها) - ما يكون مرجحا لمضمونه بمعنى مطابقة المضمون للواقع، ككون إحداهما موافقة للكتاب. ونسب إلى الوحيد البهبهاني (ره) أنه ذهب إلى تقديم الترجيح بجهة الصدور، وهو مخالفة العامة، إذ مع كون أحد المتعارضين مخالفا للعامة نقطع بأن الاخر الموافق لهم إما غير صادر عن المعصوم أو صدر عن تقية. وذكر صاحب الكفاية (ره) أن إطلاقات أخبار الترجيح غير ناظرة إلى بيان الترتيب بين المرجحات، بل هي واردة لبيان أصل الترجيح وأن هذا مرجح وذاك مرجح، فلاوجه للالتزام برعاية الترتيب وذكر جماعة: منهم المحقق النائيني (ره) أن ما كان مرجحا للصدور كالشهرة يقدم على مرجح جهة الصدور والمضمون. وما كان مرجحا لجهة الصدور يقدم على مرجح المضمون، فمثل مخالفة العامة يقدم على الترجيح بموافقة الكتاب. وذكر في وجه ذلك أن اعتبار مرجح جهة الصدور فرع اعتبار صدور المتعارضين، إذ مع عدم إحراز الصدور لا تصل النوبة إلى ملاحظة جهة الصدور، كما أن اعتبار مرجح المضمون فرع اعتبار صدورهما لبيان الحكم الواقعي. فما ذكرناه هو مقتضى الترتيب الطبيعي بين المرجحات.
هذه هي الأقوال التي ذكرها الاعلام في المقام. وللنظر في جميعها مجال واسع. أما ما ذكره الوحيد البهبهاني (ره) ففيه أن مجرد كون إحدى الروايتين مخالفة للعامة لا يوجب القطع بأن الخبر الموافق لهم لم يصدر أو صدر عن تقية، لان الاحكام المتفق عليها بين الفريقين كثيرة في نفسها، فيحتمل كون الخبر الموافق لهم صادرا عن المعصوم لبيان الحكم الواقعي وكون الخبر المخالف لهم غير صادر أو صدر عن غير جد. وأما ما ذكره صاحب الكفاية (ره) ففيه أن مقتضى ظاهر صحيحة الراوندي تقديم الترجيح بموافقة الكتاب