في بقاء الحدث، فمقتضى استصحاب الكلي وإن كان بقاء الحدث، إلا أن الحدث الأصغر كان متيقنا، وبعد خروج الرطوبة المرددة يشك في تبدله بالأكبر، فمقتضى الاستصحاب بقاء الأصغر وعدم تبدله بالأكبر، فلا يجري الاستصحاب في الكلي، لتعين الفرد بالتعبد الشرعي، فيكفي الوضوء. نعم من كان متطهرا ثم خرجت منه الرطوبة المرددة لا يجوز له الاكتفاء بالوضوء فقط، بل يجب عليه الجمع بين الوضوء والغسل فما ذكره صاحب العروة من عدم كفاية الوضوء فقط محمول على هذه الصورة كما يظهر من مراجعة كلامه (ره).
ولا يتوقف ما ذكرنا - من تعين الأصغر بالأصل وعدم جريان الاستصحاب في الكلي - على كون الحدث الأصغر والأكبر من قبيل المتضادين بحيث لا يمكن اجتماعهما، بل الفرد يعين بالأصل على جميع الأقوال فيهما، فان الأقوال فيهما ثلاثة: (الأول) - كونهما متضادين (الثاني) - كونهما شيئا واحدا وإنما الاختلاف بينهما في القوة والضعف، فالأصغر مرتبة ضعيفة من الحدث، والأكبر مرتبة قوية منه، كما قيل في الفرق بين الوجوب والاستحباب: ان الوجوب مرتبة قوية من الطلب والاستحباب مرتبة ضعيفة منه (الثالث) - كونهما من قبيل المتخالفين بحيث يمكن اجتماعهما كالسواد والحلاوة مثلا، فعلى الأول نقول حيث أن الأصغر كان متيقنا وشك في تبدله بالأكبر فالأصل عدم تبدله به. وعلى الثاني نقول الأصل عدم حدوث المرتبة القوية بعد كون المرتبة الضعيفة متيقنة. وعلى الثالث نقول الأصل عدم اجتماع الأكبر مع الأصغر، فعلى جميع الأقوال يعين الفرد فلا مجال لجريان الاستصحاب في الكلي.
بقي الكلام في إشكال آخر على استصحاب الكلي منسوب إلى السيد الصدر (ره) وهو المعروف بالشبهة العبائية، ومبني على القول بطهارة الملاقي لاحد أطراف الشبهة المحصورة، وملخص هذا الاشكال: أنه لو علمنا إجمالا بنجاسة أحد طرفي العباء ثم غسلنا أحد الطرفين، فلا اشكال في أنه لا يحكم بنجاسة الملاقي لهذا الطرف المغسول،