في المقتضي بمعنى الملاك في الأحكام التكليفية - إنما يتصور على ما هو المشهور من مذهب الإمامية من كونها تابعة للمصالح والمفاسد التي تكون في متعلقاتها، وأما على القول بكونها تابعة للمصالح التي تكون في نفس الأحكام التكليفية، كالأحكام الوضعية التي تكون تابعة للمصلحة في نفس الجعل والاعتبار، كالملكية والزوجية دون المتعلق، فلا معنى للتفصيل المذكور، لأن الشك في الحكم يلازم الشك في الملاك بلا فرق بين الأحكام التكليفية والوضعية، فيكون الشك في الحكم الشرعي شكا في المقتضي دائما ولم يبق مورد للشك في الرافع، فيكون حاصل التفصيل المذكور المذكور إنكارا للاستصحاب في الأحكام الشرعية بقول مطلق.
فتحصل مما ذكرنا أنه ليس مراد الشيخ (ره) من المقتضي هو السبب أو الموضوع أو الملاك على ما توهموه ونسبوه إليه، ومنشأ الوقوع - في هذه الأمور - توهم أن مراد الشيخ (ره) من المقتضي هو المقتضي للمتيقن، فذكر بضعهم أن المراد منه السبب، وبعضهم أن المراد منه الموضوع، وبعضهم أن المراد منه الملاك.
والظاهر أن مراد الشيخ (ره) ليس المقتضي للمتيقن، بل مراده من المقتضي هو المقتضي للجري العملي على طبق المتيقن، فالمراد من المقتضي نفس المتيقن الذي يقتضي الجري العملي على طبقه فحق التعبير أن يقال: الشك من جهة المقتضي لا الشك في المقتضي.
وملخص الكلام - في بيان الميزان الفارق بين موارد الشك في المقتضي والشك في الرافع - أن الأشياء (تارة) تكون لها قابلية البقاء في عمود الزمان إلى الأبد لو لم يطرأ رافع لها كالملكية والزوجية الدائمة والطهارة والنجاسة، فإنها باقية ببقاء الدهر ما لم يطرأ رافع لها كالبيع والهبة وموت المالك في الملكية والطلاق في الزوجية، وكذا الطهارة والنجاسة. فلو كان المتيقن من هذا القبيل، فهو مقتض للجري العملي على طبقه