واما التفصيل الثاني الذي تفرد به الشيخ (ره)، فهو التفصيل بين الحكم الثابت بالدليل الشرعي كالكتاب والسنة والاجماع، والحكم الثابت بالدليل العقلي، فأنكر حجية الاستصحاب في الثاني. والوجه - في هذا التفصيل على ما ذكره الشيخ (ره) بتوضيح منا - أنه لابد في جريان الاستصحاب من اتحاد الموضوع في القضيتين، فإنه لولا اتحاد القضية المتيقنة والمشكوكة، لا يصدق نقض اليقين بالشك، وحيث إنه مع بقاء الموضوع بجميع خصوصياته وعدم عروض التغير فيه أصلا لا يمكن عروض الشك في الحكم، فلابد من حدوث تغير ما بحيث يوجب الشك في الحكم، فإنه مع بقاء التغير - في الماء المتنجس بالتغير وعدم حدوث شئ يحتمل كونه مطهرا له كتتميمه كرا - لا يمكن الشك في طهارته، وهذا التغير الذي أوجب الشك في الحكم " تارة " يوجب تعدد الموضوع في القضية المتيقنة والمشكوكة، فلا يجري الاستصحاب فيه، و (أخرى) لا يوجبه، فلا مانع من جريانه، فان كان الحكم ثابتا بالدليل الشرعي، فالمرجع - في التحاد الموضوع في القضيتين وصدق نقض اليقين بالشك - هو العرف. ففي مورد حكم العرف بتعدد الموضوع لا يصدق نقض اليقين بالشك، فلا مجال لجريان الاستصحاب فيه وفي مورد حكم العرف بوحدة الموضوع في القضيتين وصدق النقض يجري فيه الاستصحاب، ونظر العرف في ذلك مختلف:
فربما يحكم بكون وصف تمام الموضوع للحكم وإن لم يوجد في الخارج إلا في الموصوف، فبعد زواله لا يمكن جريان الاستصحاب، كما في العدالة التي هي الموضوع لقبول الشهادة، والاجتهاد الذي هو الموضوع لجواز التقليد، فلو كان زيد عادلا ثم صار فاسقا لا يمكن جريان الاستصحاب في قبول شهادته، لان العرف يرى العدالة تمام الموضوع لقبول الشهادة، والفسق موضوع آخر في نظرهم، فعدم ترتيب هذا الأثر - أي قبول الشهادة - لا يكون نقضا لليقين بالشك، وكذا الاجتهاد بالنسبة