في الهيئة الاتصالية للاجزاء السابقة، فهي غير محتملة الارتفاع، لان الشئ لا ينقلب عما وقع عليه.
هذا كله في الشبهات الحكمية. وأما الشبهات الموضوعية، فلا مانع من جريان الاستصحاب فيها، سواء كان الشك في وجود المانع بعد الفراغ عن كونه مانعا، كما إذا شككنا في وجود البكاء مثلا، أو كان الشك في مانعية الوجود، كما إذا شككنا في أن الذي صدر من المصلي كان بكاء أم لا؟ ففي كلتا الصورتين تكون الاجزاء الوجودية محرزة بالوجدان، والجزء العدي محرز بالأصل، فيحكم بصحة الصلاة، كما ذكرنا نظير ذلك في استصحاب وجود الشرط، كالطهارة من الحدث فان المشروط - وهو الصلاة - محرز بالوجدان، والشرط محرز بالأصل، فبضميمة الوجدان إلى الأصل يحكم بصحة الصلاة.
(التنبيه الثاني عشر) - في جريان الاستصحاب في الأمور الاعتقادية وعدمه.
وقد ذكرنا أن جريان الاستصحاب منوط باليقين بالحدوث، والشك في البقاء وكون الأثر قابلا للتعبد، فبعد تمامية هذه الأمور يجري الاستصحاب، سواء كان المستصحب من الأمور الخارجية، أم من الأمور النفسانية. وتوهم اختصاصه بالأمور الخارجية - لكونه من الأصول العملية، فلا يجري إلا في أفعال الجوارح المعبر عنها بالاعمال - مدفوع، بأن معنى كونه من الأصول العملية: أنه ليس من الأدلة الاجتهادية التي هي كاشفة عن الواقع، فان الأصول العملية وظائف عملية للجاهل بالواقع، وليست كاشفة عنه، لا أنها مختصة بالأمور الجوارحية، فلو كان التباني القلبي على شئ واجبا، وشككنا في بقائه من جهة الشبهة الحكمية أو الموضوعية، لا مانع من جريان الاستصحاب. نعم لا مجال لجريان الاستصحاب في الأمور التي يجب فيها الاعتقاد والمعرفة: كالنبوة مثلا، لعدم كون الأثر حينئذ قابلا للتعبد، فلا يترتب