بعد احراز الصحة التأهلية، لا فيما إذا كان الشك في الصحة التأهلية. وتبعهما في ذلك جماعة. واختار شيخنا الأنصاري وتبعه جماعة أخرى " ره " جريان أصالة الصحة فيهما بدعوى قيام السيرة على ترتيب الآثار على المعاملات الصادرة من الناس، مع الشك في كون البائع مالكا أو غاصبا مثلا، فالسيرة قائمة على الحمل على الصحة مع عدم إحراز قابلية الفاعل.
ثم إن قابلية الفاعل إما عرفية بمعنى اعتبارها في نظر العرف وأمضاه الشرع ككون البائع مميزا، لعدم صحة بيع الصبي غير المميز عند العرف أيضا. وإما شرعية بمعنى اعتبارها بتأسيس من الشارع فقط، ككون البائع بالغا، فان اعتبار البلوغ إنما هو من جهة الشرع، لعدم الفرق في نظر العرف بين العقد الواقع من البالغ والعقد الصادر من غيره، ولا سيما إذا كان التفاوت بينهما بمقدار لا يعتد به. وكذا القابلية المعتبرة في المورد (تارة) عرفية ككون المبيع مالا بناء على اعتبار المالية في البيع العرفي كما يظهر من تعريف المصباح البيع بمبادلة مال بمال. و (أخرى) شرعية كعدم كون المبيع خمرا مثلا، فان الشارع الغى مالية الخمر دون العرف. ولا يصح حمل كلام العلامة والمحقق الثاني (ره) على اعتبار احراز القابلية العرفية فقط في الفاعل والمورد في جريان أصالة الصحة. وذلك، لأنهما مثلا للشك في قابلية الفاعل بالشك في البلوغ، والتزما بعدم جريان أصالة الصحة فيما إذا شك في صحة عمل من جهة الشك في بلوغ العامل. ومن المعلوم أن اعتبار البلوغ شرعي على ما ذكرناه، فلابد في جريان أصالة الصحة عندهما من احراز القابلية العرفية والشرعية في الفاعل والمورد.
والصحيح ما ذهبا إليه، لما ذكرناه سابقا من أنه ليس لأصالة الصحة دليل لفظي يتمسك بعمومه أو اطلاقه، ولم يحرز قيام السيرة على ترتيب الآثار مع الشك في القابلية، بل المحرز قيام السيرة على عدم ترتيب الآثار معه، فإذا باع زيد دار عمرو