يستفاد من النفي، فيكون بمنزلة قولنا لا رجل في الدار في إفادته عموم السلب لا سلب العموم.
و (ثانيا) أنه لا نسلم سلب العموم حتى فيما إذا كان المدخول بنفسه مفيدا للعموم، لما ذكرنا في بحث العام والخاص من أن الظاهر من العمومات هو العموم الاستغراقي لا المجموعي، إلا إذا قامت قرينة على إرادته، فمثل قولنا لا تهن العلماء ظاهر في عموم السلب لا سلب العموم وإن كان المدخول بنفسه مفيدا للعموم.
و (ثالثا) أنا لو سلمنا ظهوره في سلب العموم فإنما هو فيما لم تكن قرينة على الخلاف، والقرينة في المقام موجودة، وهي أن الإمام عليه السلام بعد ما حكم بعدم وجوب الوضوء على من شك في النوم. علله بقوله (ع): " فإنه على يقين من وضوئه ولا ينقض اليقين بالشك أبدا " فلو كان المراد سلب العموم لم ينطبق على المورد وكان لزرارة أن يقول إنه لا ينقض جميع أفراد يقينه بالشك بل بعضها، وليكن هذا اليقين من هذا البعض.
ومن جملة ما استدل به للاستصحاب صحيحة ثانية لزرارة " قال قلت له:
أصاب ثوبي دم رعاف أو غيره أو شئ من المني، فعلمت أثره إلى أن أصيب له الماء، فحضرت الصلاة ونسيت أن بثوبي شيئا وصليت، ثم إني ذكرت بعد ذلك؟ قال (ع):
تعيد الصلاة وتغسله، قلت: فان لم أكن رأيت موضعه وعلمت أنه قد أصابه فطلبته ولم أقدر عليه فلما صليت وجدته؟ قال (ع): تغسله وتعيد، قلت: فان ظننت أنه قد أصابه ولم أتيقن ذلك فنظرت فلم أر شيئا فصليت فرأيت فيه؟ قال (ع):
تغسله ولا تعيد الصلاة، قلت: لم ذلك؟ قال (ع): لأنك كنت على يقين من طهارتك فشككت فليس ينبغي لك أن تنتقض اليقين بالشك أبدا، قلت: فاني قد علمت أنه قد أصابه ولم أدر أين هو فاغسله؟ قال (ع): تغسل من ثوبك