للاستصحاب، فان استتار القرض متحقق يقينا، وذهاب الحمرة لم يتحقق كذلك.
وأما استصحاب الموضوع بوصف الموضوعية، فهو عبارة أخرى عن استصحاب الحكم، إذا بقاء الموضوع بوصف الموضوعية ليس إلا عبارة أخرى عن بقاء الحكم، ولا يخفى أن الشك في بقاء نجاسة المتنجسات بعد استحالتها داخل في هذا القسم فلو تنجست خشبة مثلا، ثم احترقت فصارت رمادا فشك في بقاء نجاستها لم يمكن التمسك باستصحابها، إذ المتصيد من أبواب الفقه: أن كل جسم لاقى نجسا، فهو نجس. ولا ندري أن الموضوع لهذا الحكم هل هو الجسم بما هو جسم - لتكون النجاسة باقية ببقاء الجسمية - أو الموضوع له هي الصورة النوعية الخشبية، وأن أخذ الجسم في قولهم: " كل جسم لاقى... " إنما هو للإشارة إلى عموم الحكم وعدم اختصاصه بنوع دون نوع آخر؟
وأما النجاسات العينية فهي من القسم الأول، فان النجاسات العينية أمور مخصوصة كالكلب مثلا، فإذا وقع في مملحة وصار ملحا، لا يصدق عليه الكلب، بل هو نوع من الملح، ولذا حكم المحقق الثاني (ره) - على ما حكاه الشيخ (ره) عنه - بارتفاع النجاسة بالاستحالة في باب النجاسات دون المتنجسات.
وتحصل مما ذكرناه أنه يعتبر - في جريان الاستصحاب العلم بكون القيد غير مقوم للموضوع، كما في القسم الثاني ليحرز اتحاد القضية المتيقنة والقضية المشكوك فيها.
ومن هنا وقع الكلام بينهم في أن الموضوع المعتبر بقاؤه في جريان الاستصحاب هل هو مأخوذ من العقل، أو من الدليل الشرعي، أو من العرف؟ وليعلم أن الترديد بين الأمور الثلاثة إنما هو في الشبهات الحكمية فقط، إذ الموضوع في الشبهات الموضوعية هي الأمور الجزئية الخارجية. وليس الدليل الشرعي متكفلا ببيانها، فإنه من المعلوم ان الدليل الدال على حرمة الخمر - مثلا - لا يدل على أن هذا المائع خمر أو ليس بخمر، فلا يمكن اخذ الموضوع في الشبهات الموضوعية من الدليل الشرعي. فالترديد