ومع انتفاء أحدها ينتفي الحكم العقلي يقينا. والمفروض أن الحكم الشرعي في المقام مستفاد من الحكم العقلي بقاعدة الملازمة، فبانتفاء الحكم العقلي ينتفي الحكم الشرعي لا محالة، فلا يبقى لنا شك في بقاء الحكم الشرعي حتى نرجع إلى الاستصحاب، بل هو مقطوع العدم. نعم يحتمل ثبوت الحكم الشرعي للموضوع المذكور بعد انتفاء أحد القيود بجعل جديد من الشارع، لكنه شك في حدوث الحكم لا في بقائه، ومجرى الاستصحاب انما هو الشك في البقاء لا الشك في الحدوث، وجريان الاستصحاب - في الحكم الشرعي الأعم من الحادث والباقي - متوقف على جريان الاستصحاب في القسم الثالث من الكلي الذي لا نقول به. هذا توضيح مرام الشيخ في هذا التفصيل.
فتحصل أن إنكاره جريان الاستصحاب في الحكم الثابت بالدليل العقلي مبتن على مقدمتين: " الأولى " أن الاهمال في حكم العقل لا يتصور، و " الثانية " أن حكم الشارع تابع له وينتفي بانتفائه. وقد أورد المحقق النائيني (ره) عليه في المقدمة الأولى مرة، وفي المقدمة الثانية أخرى، واكتفى صاحب الكفاية (ره) بالايراد على الثانية. أما إشكاله على المقدمة الأولى فهو أن حكم العقل على قسمين: (الأول) أن يحكم على نحو القضية الشرطية ذات مفهوم، بان يحكم بثبوت الحكم للموضوع مع وجود القيد، وبعدمه مع انتفاء القيد. و (الثاني) أن يحكم يحكم لموضوع من باب القدر المتيقن فليس له مفهوم حينئذ، فيحكم بثبوت حكم لموضوع مع اجتماع قيوده، ولا يحكم بعدم الحكم مع انتفاء أحدها، لاحتمال بقاء الملاك، فلا إهمال في حكم العقل بحسب مقام الاثبات لادراكه وجود الملاك، إنما الاهمال بحسب مقام الثبوت لعدم احاطته بجميع ماله دخل في الحكم، فحيث لا يحكم العقل بعم الحكم مع انتفاء أحد القيود، يحتمل بقاء الحكم الشرعي، فيكون موردا لجريان