ولا معنى للتعبد بالعدالة بلا موضوع، ولا يجري الاستصحاب في الموضوع كحياة زيد في المثال، لعدم كون العدالة من الآثار الشرعية لحياة زيد، بل من اللوازم العقلية من باب الاتفاق للعلم بعدالته على تقدير حياته. ومما ذكرناه ظهر الاشكال في جريان الاستصحاب في القسم الثالث أيضا، فإنه لا يجري الاستصحاب في العدالة، لعدم إحراز الموضوع ولا في الموضوع لترتيب العدالة، لعدم كونها من الآثار الشرعية، بل ولا من اللوازم العقلية في هذا القسم، لعدم العلم فيه بعدالته على تقدير حياته، فمن المحتمل عدم عدالته على تقدير حياته. ولا يجرى الاستصحاب في الموضوع مقدمة لجريانه في العدالة بأن يحرز الموضوع أولا بالاستصحاب، ثم يجري الاستصحاب في العدالة، لعدم ترتب أثر شرعي على جريانه في الموضوع. ومن هنا قد يتوهم أنه يعتبر في جريان الاستصحاب بقاء الموضوع في الخارج زائدا على اعتبار اتحاد القضيتين.
هذا. والتحقيق جريان الاستصحاب في القسم الأول والثالث أيضا.
(أما القسم الأول) فيجري الاستصحاب فيه في الاتصاف وثبوت الوصف للموضوع، بأن يقال: ثبوت العدالة لزيد كان متيقنا فالآن كما كان. وبعبارة أخرى: زيد المتصف بالعدالة كان موجودا يقينا، والآن كما كان. ونظيره ما إذا شككنا في بقاء الزوجية بين امرأة وزوجها الغائب لاحتمال موته، فيجري استصحاب بقاء الزوجية وتترتب عليه آثارها. نعم لا يترتب على هذا الاستصحاب الأثر الشرعي المتوقف على تحقق الموضوع في الخارج، كجواز الاقتداء بزيد - في مفروض المثال - فإنه متوقف على وجود زيد العادل في الخارج ليركع بركوعه. وليس هذا من ناحية القصور في الاستصحاب، بل من ناحية القصور في الأثر، ولذا لا تكفي في ترتبه الامارة كالبينة أيضا، لتوقفه على العلم الوجداني بوجود زيد العادل في الخارج.