هذا إذا قلنا في أمثال المقام بجريان الاستصحاب في الحكم وهو الطهارة. وأما إذا قلنا بجريان الاستصحاب في الموضوع دون الحكم أي عدم ملاقاة النجاسة، لكون الشك في الطهارة مسببا عن الشك في الملاقاة، فلا اشكال في جريان الاستصحاب بعد الشك الثاني في المثال، فبالاستصحاب الأول نحكم بعدم ملاقاة البول وتترتب عليه الطهارة من هذه الجهة، وبعد الشك في ملاقاة الدم نجري استصحاب عدم ملاقاة الدم ونحكم بالطهارة من هذه الحيثية، وهذا الاستصحاب في الحقيقة خارج عن محل الكلام، إذ الكلام في جريان الاستصحاب في موارد الأصول العملية، والاستصحاب المذكور بما أنه مسبوق بالعلم الوجداني فهو استصحاب في مورد العلم الوجداني لا في مورد الأصل.
(القسم الثاني) - أن لا يكون الأصل متكفلا لبيان الحكم في الزمان الثاني والثالث، كما إذا شككنا في طهارة ماء فحكمنا بطهارته للاستصحاب أو لقاعدة الطهارة ثم غسلنا به ثوبا متنجسا، فلو لا جريان الاستصحاب أو القاعدة في الماء، لكان مقتضى الاستصحاب في الثوب هو النجاسة، لكن الحكم بطهارة الثوب من آثار طهارة الماء الثابتة بالاستصحاب أو القاعدة، فيكون الأصل الجاري في الماء حاكما على استصحاب النجاسة في الثوب لكونه سببيا، ويكون الأصل الجاري في الماء متكفلا لحدوث الطهارة في الثوب فقط ولا يكون متكفلا لطهارته في الزمان الثاني والثالث، فبعد غسل الثوب بالماء المذكور لو شككنا في ملاقاته مع النجاسة لا مانع من جريان الاستصحاب في طهارة الثوب أو في عدم ملاقاته النجاسة.
(التنبيه الرابع) - المستصحب قد يكون جزئيا وقد يكون كليا، وجريان الاستصحاب في الكلي لا يتوقف على القول بوجود الكلي الطبيعي في الخارج، فان البحث عن وجود الكلي الطبيعي وعدمه بحث فلسفي، والأحكام الشرعية مبتنية على المفاهيم العرفية. ولا اشكال في وجود الكلي في الخارج بنظر العرف.