الحرمة، فلا مانع من جريان استصحاب عدم جعل الحرمة بالنسبة إلى ما بعد الانقطاع.
واعترض عليه المحقق النائيني (ره) بأنه لا يعتبر اتصال زمان الشك باليقين وإنما المعتبر اتصال زمان المشكوك فيه بالمتيقن، وفي استصحاب عدم الجعل ليس المشكوك فيه متصلا بالمتيقن، لفصل المتيقن الاخر بينهما، فان المتيقن الأول هو عدم الحرمة، والمتيقن الثاني هو الحرمة، والمشكوك فيه متصل بالمتيقن الثاني دون الأول، فيجري الاستصحاب في الحرمة دون عدمها، نظير ما إذا علمنا بعدم نجاسة شئ ثم علمنا بنجاسته ثم شككنا في نجاسته، فلا مجال لجريان استصحاب عدم النجاسة، لانفصال زمان المشكوك فيه عن المتيقن ويجري استصحاب النجاسة بلا معارض.
أقول: أما ما ذكره من جهة الكبرى وهو عدم اعتبار اتصال زمان نفس الشك بزمان اليقين نفسه، فهو حق كما ذكره، فانا لو علمنا بعدالة زيد مثلا ثم غفلنا عنها يوما أو أزيد، ثم شككنا في بقائها، فلا إشكال في جريان الاستصحاب مع عدم اتصال زمان الشك بزمان اليقين، بل يمكن جريان الاستصحاب مع وحدة زمان الشك واليقين على ما ذكرنا سابقا في بيان الفرق بين موارد الاستصحاب وقاعدة اليقين، فالمعتبر هو اتصال زمان المشكوك فيه بالمتيقن لا اتصال زمان الشك باليقين.
وأما ما ذكره من حيث الصغرى، فيرد عليه أن زمان المشكوك فيه متصل بزمان المتيقن في المقام، لان لنا شكا ويقينين، والمشكوك فيه متصل بكلا المتيقنين لا بأحدهما فقط، لان اليقين بعدم جعل الحرمة واليقين بالحرمة مجتمعان معا في زمان واحد، فلنا يقين بعدم جعل الحرمة لما بعد الانقطاع في زمان، ويقين بالحرمة حال رؤية الدم، وشك في الحرمة بعد الانقطاع، ومن المعلوم أن اليقين بالحرمة حال روية الدم لا يوجب نقض اليقين بعدم جعل الحرمة لما بعد الانقطاع. وهذا هو مراد الفاضل النراقي بقوله: إن اليقين بعدم الحرمة لم ينتقض باليقين بالحرمة.