لوجوب الحج، وكلما اعتبر عدمه في الموضوع فهو مانع عن التكليف، كالحيض، فالشرطية والمانعية بالنسبة إلى التكليف منتزعة من جعل المولى التكليف مقيدا بوجود شئ في الموضوع أو عدمه، فتكون الشرطية والسببية والمانعية مجعولة بتبع التكليف.
فظهر أن ما ذكره صاحب الكفاية (ره) - من عدم كون الشرطية والمانعية والسببية بالنسبة إلى التكليف قابلة للجعل أصلا، لا بالاستقلال ولا بالتبع - خلط بين الجعل والمجعول، فان ما ذكره صحيح بالنسبة إلى أسباب الجعل، وشروطها، من المصالح والمفاسد والإرادة والكراهة والميل والشوق، فإنها أمور واقعية باعثة لجعل المولى التكليف ومبادئ له، وليس قابلة للجعل التشريعي، لكونها من الأمور الخارجية التي لا يعقل تعلق الجعل التشريعي بها، بل ربما تكون غير اختيارية، كالميل والشوق والمصلحة المفسدة مثلا، وهي خارجة عن محل الكلام، فان الكلام في الشرطية والسببية والمانعية بالنسبة إلى المجعول، وهو التكليف، وقد ذكرنا أنها مجعولة بتبع التكليف، فكلما اعتبر وجوده في الموضوع، فتنتزع منه السببية والشرطية، وكلما اعتبر عدمه فيه فتنتزع منه المانعية.
وظهر بما ذكرناه حال القسم الثاني من الأحكام الوضعية، فإنه أيضا منتزع من التكليف، والفرق بينه وبين القسم الأول، أن الشرطية والمانعية بالنسبة إلى التكليف إنما تنتزعان من اعتبار شئ وجودا أو عدما في الموضوع وهو المكلف، بخلاف الشرطية والمانعية بالنسبة إلى المكلف به، فإنهما منتزعتان من اعتبار شئ في متعلق الامر وهو المكلف به، فان اعتبر فيه شئ وجودا، فتنتزع منه الشرطية، ويقال: إن الاستقبال مثلا شرط للصلاة، أو التستر شرط لها، وإن اعتبر فيه شئ عدما، فتنزع منه المانعية، ويقال: إن اجزاء غير مأكول اللحم مانعة عن الصلاة.