على عدم اعتباره كالظن القياسي، فوجوده كالعدم بالتعبد الشرعي، فيترتب على وجوده كل ما كان مترتبا على عدمه من الآثار، ومنها الحكم ببقاء الحالة السابقة بمقتضى الاستصحاب. وان كان الظن مما لم يدل دليل على اعتباره، كالظن الحاصل من الشهرة مثلا، فحيث أن اعتباره مشكوك فيه، يكون رفع اليد عن اليقين السابق به من نقض اليقين بالشك.
وفيه أن الكلام في وجود المقتضي، ومقدار دلالة الأدلة الدالة على حجية الاستصحاب، وأنها هل تشمل صورة الظن بارتفاع الحالة السابقة أم لا؟ وما ذكره (ره) ليس إلا بيان عدم المانع، ولا فائدة في إحراز عدم المانع مع الشك في وجود المقتضي.
ومع إحراز المقتضي وشمول الأدلة له - على ما ذكرناه - لا مجال لتوهم كون غير الحجة - وهو الظن غير المعتبر - مانعا عن الحجة وهي الاستصحاب. وبعبارة أخرى معنى عدم اعتبار الظن - من جهة الدليل على عدم الاعتبار أو عدم الدليل على الاعتبار الراجع إليه بضميمة أصالة عدم الحجية - هو عدم إثبات المظنون، وهو يوجب الرجوع إلى الأصول العملية. وحينئذ لابد من ملاحظة أدلة الاستصحاب: فان كانت شاملة لموارد الظن بارتفاع الحالة السابقة، فهو وإلا فيرجع إلى أصل آخر. فمجرد كون الظن غير معتبر لا يوجب شمول أدلة الاستصحاب لموارد الظن.
وأما ما ذكره أخيرا من أن رفع اليد عن اليقين للظن المشكوك في اعتباره يكون من نقض اليقين بالشك، فيرد عليه أنه لابد في صدق نقض اليقين بالشك كون متعلق الشك واليقين واحد. وفى المقام ليس كذلك، فان اليقين متعلق بحدوث شئ، والظن متعلق بارتفاعه. أما الشك، فهو متعلق بحجية هذا الظن، فليس الشك متعلقا بما تعلق به اليقين. وهذا ظاهر.
(التنبيه الخامس عشر) يعتبر في جريان الاستصحاب اتحاد القضية المتيقنة