الكلام في علاج التعارض. (اعلم): أن الدليلين المتعارضين إما أن يكون كلاهما قطعي الصدور، أو يكون كلاهما ظني الصدور، أو يكون أحدهما قطعيا والآخر ظنيا.
أما إن كان كلاهما قطعي الصدور: كما إذا وقع التعارض بين ظاهر آيتين، أو بين ظاهر آية وظاهر خبر متواتر أو محفوف بالقرينة القطعية، فلابد من رفع اليد عن الظهورين وفرض الدليلين كالعدم في الرجوع إلى دليل آخر أو أصل عملي، لما ذكرناه من عدم شمول دليل الحجية للمتعارضين على ما تقدم. وما ذكره الشيخ (ره) - من أنه يجب تأويلهما والعمل على المعنى المؤول إليه - غريب منه، فإنه لا دليل على وجوب التأويل والعمل على المعنى المؤول إليه، مع احتمال أن يكون المراد منهما غير ما أولناهما إليه.
أما إن كان أحدهما قطعي الصدور والآخر ظنيا: كما إذا وقع التعارض بين ظاهر آية والخبر الواحد المظنون صدوره، أو وقع التعارض بين خبر متواتر والخبر المظنون صدوره، فلابد من الاخذ بظاهر الآية أو ظاهر الخبر المقطوع صدوره، وطرح خبر الواحد بمقتضى الاخبار الكثير الدالة على طرح الخبر المخالف للكتاب أو السنة. وليس ذلك من جهة ترجيح ظاهر الكتاب أو السنة على الخبر الواحد المخالف لهما، بل من جهة أن الخبر الواحد - المخالف لهما بنحو لا يمكن الجمع بينه وبينهما - لا يكون حجة بمقتضى قوله (ع): " إنه زخرف وباطل، أو لم نقله، أو فاضربوه على الجدار " إلى غير ذلك من العبارات الدالة على عدم حجية الخبر المذكور، سواء جاء به عادل أم فاسق. ولذا ذكرنا في بحث حجية الاخبار: أن من شرائط حجية الخبر الواحد عدم مخالفته للكتاب والسنة.
وأما إن كان كلاهما ظني الصدور، فهذا هو الذي انعقد له بحث التعادل