وعدم جواز العبور عن المسجدين، والأثر المشترك هو حرمة مس كتابة القرآن، ففي مثل ذلك وإن كان ما ذكره من تعارض الأصول صحيحا، إلا أنه لا فائدة في جريان الاستصحاب في الكلي في مورده، لوجود الجمع بين الوضوء والغسل في المثال بمقتضى العلم الاجمالي، فان نفس العلم الاجمالي كاف في وجوب إحراز الواقع، ولذا قلنا في دوران الامر بين المتبائنين بوجوب الاجتناب عن الجميع للعلم الاجمالي، فهذا الاستصحاب مما لا يترتب عليه أثر.
(الوجه الثاني) - أن يكون لهما أثر مشترك ويكون للفرد الطويل أثر مختص به، فيكون من قبيل دوران الامر بين الأقل والأكثر، كما في المثال الذي ذكرناه من كون نجس مرددا بين البول وعرق الكافر، فان وجوب الغسل في المرة الأولى أثر مشترك فيه، ووجوب الغسل مرة ثانية أثر لخصوص البول، ففي مثله لو جرى الاستصحاب في الكلي وجب الغسل مرة ثانية، ولو لم يجر كفى الغسل مرة، لكنه لا يجري لحكومة الأصل السببي عليه، وهو أصالة عدم حدوث البول أو أصالة عدم كون الحادث بولا، ولا تعارضها أصالة عدم كون الحادث عرق كافر أو أصالة عدم حدوثه، لعدم ترتب أثر عليها، إذا المفروض العلم بوجوب الغسل في المرة الأولى على كل تقدير، فإذا لا يجري الأصل في القصير حتى يعارض جريان الأصل في الطويل.
وأما إثبات حدوث الفرد الطويل بأصالة عدم حدوث الفرد القصير، فهو متوقف على القول بالأصل المثبت ولا نقول به.
وملخص الاشكال على هذا الجواب أنه في القسم الأول، وإن كانت الأصول السببية متعارضة متساقطة، إلا أنه لا أثر لجريان الاستصحاب في الكلي، لتنجز التكليف بالعلم الاجمالي. وفي القسم الثاني يكون الأصل السببي حاكما على استصحاب الكلي ولا يكون له معارض، لعدم جريان الأصل في الفرد القصير لعدم