الثاني: فيما إذا تمكن من الخروج عنها فيه بأن يكون له مندوحة في الجملة.
أما المقام الأول: فهل يجوز له الإتيان بالصلاة فيها مع الركوع والسجود أو يجب الاقتصار على الإيماء والإشارة بدلا عنهما باعتبار أن الركوع والسجود تصرف زائد على مقدار الضرورة فلا يجوز؟ قولان:
ذهب جماعة إلى القول الثاني، بدعوى: أنه لابد في جواز التصرف في أرض الغير من الاقتصار على مقدار تقتضيه الضرورة دون الزائد على ذلك المقدار، فإن الزائد عليه غير مضطر إليه فلا محالة لا يجوز، وبما أن الركوع والسجود تصرف زائد على ذاك المقدار فلا يسوغ، فإذا وظيفته الإيماء والإشارة بدلا عنهما (1).
هذا، وأما شيخنا الأستاذ فقد سلم أن الأمر كذلك بنظر العرف، ولم يكن كذلك بنظر العقل، فله (قدس سره) هنا دعويان:
الأولى: أن الركوع والسجود تصرف زائد عند العرف.
الثانية: انهما ليسا بتصرف زائد عند العقل.
أما الدعوى الأولى: فاستظهر أن الركوع والسجود يعدان عرفا من التصرف الزائد، باعتبار أنهما مستلزمان للحركة، وهي تصرف زائد بنظر العرف. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: أن العبرة بصدق التصرف الزائد على مقدار الضرورة بما أنها بنظر العرف لا بالدقة الفلسفية فلا محالة وجب الاقتصار في الصلاة على الإيماء والإشارة بدلا عنهما.
وأما الدعوى الثانية: فلأن العقل يحكم بأن كل جسم يشغل المكان المغصوب بمقدار حجمه من الطول والعرض والعمق، ومن الواضح جدا أن ذلك المقدار لا يختلف باختلاف أوضاعه وأشكاله، ضرورة أنه سواء كان على هيئة القائم أو القاعد أو الراكع أو الساجد أو ما شاكل ذلك يشغل مقدارا خاصا من المكان،