الثالث: أنا لو تنزلنا عن ذلك وسلمنا أن النهي متعلق بجهة التعبد بها وإتيانها بقصد القربة لا بذاتها فمع ذلك لا يتم ما أفاده (قدس سره)، والوجه فيه: ما حققناه: من أن قصد القربة كبقية أجزاء العبادة مأخوذ في متعلق الأمر، غاية الأمر: أنه على وجهة نظره (قدس سره) مأخوذ في متعلق الأمر الثاني دون الأمر الأول، وعلى وجهة نظرنا مأخوذ في متعلق الأمر الأول (1).
وعلى هذا الضوء فدعوى: أن النهي في هذه الموارد تعلق بجهة التعبد بالعبادات لا بذاتها لا تدفع محذور لزوم اجتماع الضدين في شئ واحد، ضرورة أن قصد القربة إذا كان مأخوذا في متعلق الأمر يستحيل أن يتعلق به النهي، لاستحالة كون شئ واحد مصداقا للمأمور به والمنهي عنه معا.
الرابع: لو تنزلنا عن ذلك أيضا وسلمنا أن قصد القربة غير مأخوذ في متعلق الأمر مطلقا - أي: لا في متعلق الأمر الأول ولا في متعلق الأمر الثاني - فمع ذلك لا يتم ما أفاده (قدس سره)، وذلك ضرورة أن النهي لم يتعلق بخصوص قصد القربة فحسب ليكون متعلقه غير متعلق الأمر، بل تعلق بحصة خاصة من الصوم، وهي الحصة العبادية التي يعتبر فيها قصد القربة.
مثلا: المنهي عنه في المقام هو خصوص الصوم العبادي في يوم عاشوراء في مقابل ما إذا كان المنهي عنه هو مطلق الإمساك، لا أن المنهي عنه هو خصوص قصد القربة دون ذات العبادة، بداهة أنه لا يعقل أن يكون خصوص قصدها منهيا عنه كما هو واضح، فإذا لا محالة يكون المنهي عنه هو إتيانها بقصد القربة.
وعليه، فمحذور لزوم كون شئ واحد مصداقا للمأمور به والمنهي عنه باق على حالة، ضرورة أن الإتيان بها بقصد القربة إذا كان منهيا عنه يستحيل أن يكون مصداقا للمأمور به، لاستحالة أن يكون شئ واحد محبوبا ومبغوضا معا.
فالنتيجة مما ذكرناه قد أصبحت: أن ما أفاده شيخنا الأستاذ (قدس سره) غير تام صغرى وكبرى. إذا فالصحيح: هو ما ذكرناه: من أن النهي هنا ليس ناشئا عن