أو فقل: إن تشخص الحصة وتفردها بالوجود لا غيره، وأما تشخص الوجود وتفرده فهو بنفس ذاته، لا بشئ آخر، وإلا لدار أو تسلسل كما لا يخفى.
وقد تحصل من ذلك: أن الحصص والأفراد موجودة في الخارج حقيقة بوجوداتها الواقعية، وهذا مما لا كلام فيه على كلا القولين، أي: سواء فيه القول بوجود الطبيعي خارجا أو القول بعدم وجوده.
وإنما الكلام: في أن هذا الوجود المضاف إلى الفرد ويكون وجودا له هل هو وجود للطبيعي أيضا بأن يكون له إضافتان: إضافة إلى الحصة وبتلك الإضافة يكون وجودا للفرد، وإضافة إلى الطبيعي وبها يكون وجودا له، أو هو ليس وجودا للطبيعي إلا بالعرض والمجاز، ولا يصح إسناده إليه على نحو الحقيقية؟
فالقائل بوجود الطبيعي في الخارج يدعي الأول، وأن كل وجود مضاف إلى الفرد فهو وجود للطبيعي على نحو الحقيقة، مثلا: وجود زيد كما أنه وجود له حقيقة وجود للإنسان كذلك، وهكذا...، غاية الأمر أن هذا الوجود الواحد باعتبار إضافته إلى الفرد متشخص وممتاز عن غيره في الخارج، وباعتبار إضافته إلى الطبيعي لا امتياز ولا تشخص له بالنسبة إلى غيره أصلا، كما هو واضح.
والقائل بعدم وجوده يدعي الثاني، وأنه لا تصح إضافة هذا الوجود، أعني:
الوجود المضاف إلى الفرد إلى الطبيعي حقيقة، وأنه ليس وجودا له، بل هو وجود للفرد فحسب.
وعلى الجملة: فبالتحليل العقلي النزاع المعقول في وجود الطبيعي في الخارج وعدم وجوده فيه ليس إلا النزاع في هذه النقطة، وهي ما ذكرناه، ضرورة أنه لم يدع أحد أنه موجود في الخارج بوجود مباين لوجود فرده. كما أن القول بأنه موجود بوجود واحد لا بعينه باطل من رأسه، ضرورة أن الواحد لا بعينه لا مصداق له في الخارج ولا تعين له، والوجود له تعين ومصداق فيه، ففرض وجوده خارجا يناقض فرض عدم تعينه فيه فلا يجتمعان.
وعليه، فالنزاع المعقول ينحصر بتلك النقطة، فالمنكر لوجوده يدعي أنه