الذي هو شرط للأمر بالصلاة: إما أن يتحقق في ضمن نفسها، وإما أن يتحقق في ضمن ضدها، فعلى الأول: يلزم اشتراط الأمر بالشئ بوجوده وتحققه في الخارج، وهو محال، وعلى الثاني: يلزم اشتراط الأمر بالشئ بوجود ضده وتحققه فيه، وهذا غير معقول فيرد عليه: ما ذكرناه في بحث الضد، وملخصه: هو أن المنهي عنه في المقام هو الكون في الأرض المغصوبة، لأنه تصرف فيها حقيقة، ومصداق للغصب كذلك، لا الأكل والشرب والنوم وما شاكل ذلك، ضرورة أن شيئا منها لا يكون مصداقا للغصب وتصرفا في مال الغير، فالتصرف فيه إنما هو الكون فيها.
ومن الواضح جدا أنه لا مانع من اشتراط الأمر بالصلاة على عصيان النهي عنه، كأن يقول المولى: لا تكن في أرض الغير، وإن كنت فيها فتجب عليك الصلاة، فيكون الأمر بالصلاة معلقا على عصيان النهي عن الكون فيها. ومن المعلوم أنه لا يلزم من اشتراط الأمر بالصلاة به أحد المحذورين المزبورين، أعني بهما: طلب الجمع بين الضدين، واشتراط الأمر بالشئ بوجوده وتحققه في الخارج.
والوجه في ذلك ظاهر، وهو: أن ما يتحقق به الغصب هو الكون فيها الذي هو من مقولة الأين. وأما الأفعال الخاصة: كالأكل والنوم والشرب - وما شاكل ذلك - فليست مصداقا للغصب، ضرورة أن الأكل ليس مما يتحقق به الغصب، وكذا النوم والشرب وما شابه ذلك في مفروض الكلام، بل الغصب يتحقق بالكون فيها.
ومن الواضح أنه لا مانع من اشتراط الأمر بالصلاة به، ولا يلزم شئ من المحذورين المذكورين.
أما عدم لزوم محذور طلب الجمع بين الضدين فلفرض أن الكون فيها ليس مضادا لها، بل هو ملازم معها وجودا ويجتمع معها خارجا.
وأما عدم لزوم محذور اشتراط الأمر بالشئ بوجوده وتحققه في الخارج فلأنه مبني على أن الكون فيها متحد مع الصلاة خارجا ويكون عينها فيه. ولكنك