أضف إلى ذلك أنه لا معنى لأخذ الزمان في ناحية المتعلق أو الحكم في أمثال هذه الموارد، فإن الزمان كالمكان بنفسه ظرف، فلا يحتاج كونه كذلك إلى لحاظ زائد. وعليه، فإذا لم يقيد المولى الحكم بزمان خاص فطبعا يكون الحكم ثابتا في تمام الأزمنة والآنات.
ومن الواضح جدا أن هذا لا يحتاج إلى لحاظ الزمان في ناحية المتعلق أو الحكم وأخذه فيه كما هو ظاهر، غاية الأمر: قد يكون المتفاهم العرفي من ذلك هو استمرار الحكم على نحو العموم المجموعي، وقد يكون المتفاهم منه هو استمراره على نحو العموم الاستغراقي كما هو الحال في أمثال هذه الموارد.
وأما الصورة الثالثة: فعلى تقدير تسليم أنه لابد من أخذ الزمان في ناحية المتعلق أو الحكم لأجل استفادة العموم بالإضافة إلى الأفراد الطولية فيرد عليها:
أن دليل الحكمة يعين أخذه في ناحية المتعلق دون ناحية الحكم، وذلك لأن إطلاق المتعلق وعدم تقييده بزمان مخصوص يقتضي ثبوت الحكم له في كل زمان على نحو العموم الاستغراقي، بأن يثبت له في كل زمان حكم مغاير لثبوت حكم له في زمان ثان... وهكذا، وهذا هو المتفاهم منه عرفا، ضرورة أن المتفاهم العرفي من النهي عن شرب الخمر - مثلا - وسب المؤمن وما شاكلهما هو انحلال النهي بانحلال أفرادها بحسب الأزمنة، فيكون النهي الثابت لسب المؤمن في هذا الزمان مغايرا للنهي الثابت له في زمان آخر... وهكذا.
نعم، إطلاق المتعلق في بعض الموارد يعين أخذه في ناحية الحكم كما في مثل قوله تعالى: " أوفوا بالعقود " (1) وما شاكله كما عرفت.
فما أفاده (قدس سره) من أن دليل الحكمة يعين أخذه في ناحية الحكم لا يتم على إطلاقة، بل الغالب هو العكس.
هذا تمام الكلام في معنى النهي ونقطة الامتياز بينه وبين الأمر.
* * *