فيها النقص أبدا، فإذا كانت العلة كذلك فبطبيعة الحال يحكم على هذه الأفعال الحتم والوجوب، ولا يعقل فيها الاختيار. ومن الواضح أن مرد هذا إلى إنكار قدرة الله تعالى وسلطنته.
ومن هنا قلنا: إن أفعاله تعالى تصدر عنه بالاختيار وإعمال القدرة (1)، وذكرنا:
أن إرادته تعالى ليست ذاتية، بل هي عبارة عن المشيئة وإعمال القدرة (2)، كما أنا ذكرنا: أن معنى تمامية سلطنته تعالى من جميع الجهات وعدم تصور النقص فيها ليس وجوب صدور الفعل منه، بل معناها: عدم افتقار ذاته سبحانه إلى غيره، وأنه سلطان بالذات دون غيره فإنه فقير بالذات والفقر كامن في صميم ذاته (3).
وقد تحصل من ذلك: أن الضابط لكون الفعل في إطار الاختيار هو صدوره عن الفاعل بالمشيئة وإعمال القدرة، لا بالإرادة والشوق المؤكد.
وأما النقطة الثانية: فقد تبين من ضمن البحوث السابقة بصورة موسعة: أن صدور الفعل عن الباري - عز وجل - إنما هو بإعمال قدرته وسلطنته، لا بغيرها.
وما ذكره (قدس سره) من الإيراد عليه فغريب جدا! بل لا نترقب صدوره منه (قدس سره).
والوجه في ذلك: هو أن قيام الاختيار بالنفس قيام الفعل بالفاعل، لا قيام الصفة بالموصوف والحال بالمحل، وذلك لوضوح أنه لا فرق بينه وبين غيره من الأفعال الاختيارية، وكما أن قيامها بذاته سبحانه قيام صدور وإيجاد فكذلك قيامه بها.
وعلى هذا فلا موضوع لما ذكره (قدس سره) من الشقوق والاحتمالات، فإنها جميعا تقوم على أساس كون قيامه بها قيام الصفة بالموصوف أو الحال بالمحل.
فما ذكره (قدس سره): من أن الاختيار قائم بذات المختار لا بالفعل الاختياري وإن كان صحيحا إلا أن مدلوله ليس كونه قائما بها قيام الصفة بالموصوف.
فالنتيجة: أن الاختيار يشترك مع بقية الأفعال الاختيارية في نقطة، ويمتاز