الاختياري في ظرف وجوده، وهو واضح) (1).
يحتوي ما أفاده (قدس سره) على عدة نقاط:
الأولى: أنه لا فرق بين فاعليته سبحانه وتعالى وفاعلية غيره من ناحية صدور الفعل بالإرادة والاختيار. نعم، فرق بينهما من ناحية أخرى، وهي: أن فاعليته تعالى تامة وبالذات من كافة الجهات: كالعلم والقدرة والحياة والإرادة وما شاكلها، دون فاعلية غيره فإنها ناقصة وبحاجة إلى الغير في تمام هذه الجهات، بل هي عين الفقر والحاجة، فلابد من إفاضتها آنا فآنا من قبل الله تعالى.
الثانية: أنه لو كان ملاك الفعل الاختياري صدوره عن الفاعل بإعمال القدرة والاختيار لكان الأمر في الباري - عز وجل - أيضا كذلك، وعندئذ نسأل عن هذا الاختيار هل هو عين ذاته أو غيره؟ وعلى الثاني فهل هو قديم أو حادث؟ والكل خاطئ.
أما الأول: فلاستحالة كون الفعل عين فاعله ومتحدا معه خارجا وعينا.
وأما الثاني: فيلزم تعدد القدماء، وهو باطل.
وأما الثالث: فيلزم كون الباري تعالى محلا للحوادث، وهو محال.
الثالثة: أن سنخ الاختيار ليس كسنخ بقية الأفعال الخارجية، فإنها لا تخلو من أن تكون من مقولة الجوهر، أو من مقولة العرض. ومن الواضح أن الاختيار ليس بموجود في الخارج حتى يكون في عرض هذه الأفعال وداخلا في إحدى المقولتين، بل هو في طولها، وموطنه فيه تعالى ذاته، وفي غيره نفسه، فالجامع: هو أن الاختيار قائم بذات المختار لا بالفعل الاختياري، ولا بموجود آخر ولا بنفسه.
وعلى هذا فتأتي الشقوق المشار إليها في النقطة الثانية، وقد عرفت استحالة جميعها.
فالنتيجة لحد الآن قد أصبحت: أن الاختيار أمر غير معقول.
هذا، ولنأخذ بالنظر إلى هذه النقاط: