المعين ونظامها الخاص في حين أنها تتحرك في هذا الفضاء الكوني بسرعة هائلة وفي مدار خاص حول الشمس.
وإن شئت فقل: إن بقاء تلك الظواهر والموجودات الممكنة معلول لخصائص تلك المواد الطبيعية من ناحية، والقوة الجاذبية المحافظة عليها من ناحية أخرى فلا تملك حريتها بقاء، كما لا تملك حدوثا.
ونتيجة ذلك نقطتان متقابلتان:
الأولى: بطلان نظرية أن سر حاجة الأشياء إلى العلة هو الحدوث، لأن تلك النظرية ترتكز على أساس تحديد حاجة الأشياء إلى العلة في إطار خاص ونطاق مخصوص لا يطابق الواقع الموضوعي، وعدم فهم معنى العلية فهما صحيحا يطابق الواقع.
الثانية: صحة نظرية أن سر الحاجة إلى العلة هو إمكان الوجود، فإن تلك النظرية قد ارتكزت على أساس فهم معنى العلية فهما صحيحا مطابقا للواقع، وأن حاجة الأشياء إلى المبدأ كامنة في صميم وجوداتها فلا يعقل وجود متحرر عن المبدأ.
وقد تحصل من ذلك: أن الأشياء بشتى أنواعها وأشكالها خاضعة للمبدأ الأول خضوعا ذاتيا، وهذا لا ينافي أن يكون تكوينها وإيجادها بمشيئة الله تعالى وإعمال قدرته من دون أن يحكم عليه قانون التناسب والسنخية، كما فصلنا الحديث من هذه الناحية (1).
أو فقل: إن الأفعال الاختيارية تشترك مع المعاليل الطبيعية في نقطة واحدة، وهي: الخضوع للمبدأ والسبب خضوعا ذاتيا الكامن في صميم ذاتها ووجودها.
ولكنها تفترق عنها في نقطة أخرى، وهي: أن المعاليل تصدر عن عللها على ضوء قانون التناسب دون الأفعال، فإنها تصدر عن مبدئها على ضوء الاختيار وإعمال القدرة.