والأسس القائمة على ضوئه، فلا يمكن - عندئذ - تفسير أية ظاهرة كونية ووضع قانون عام لها.
ودعوى: الفرق - بين الذات الأزلية والعلة الطبيعية: هو أن الذات الأزلية وإن كانت علة تامة للأشياء إلا أنها عالمة بها دون العلة الطبيعية فإنها فاقدة للشعور والعلم - وإن كانت صحيحة إلا أن علم العلة بالمعلول إن كان مانعا عن تأثيرها فيه على شكل الحتم والوجوب بقانون التناسب فهذا خلف، حيث إن في ذلك القضاء الحاسم على علية الذات الأزلية، وإن تأثيرها في الأشياء ليس كتأثير العلة التامة في معلولها، بل كتأثير الفاعل المختار في فعله.
وإن لم يكن مانعا عنه - كما هو الصحيح - حيث إن العلم لا يؤثر في واقع العلية وإطار تأثيرها - كما درسنا ذلك سابقا (1) - فلا فرق بينهما عندئذ أصلا، فإذا ما هو منشأ هذه الاختلافات والتناقضات بين الأشياء؟ وما هو المبرر لها؟ وبطبيعة الحال لا يمكن تفسيرها تفسيرا يطابق الواقع الموضوعي إلا على ضوء ما درسناه سابقا بشكل موسع: من أن صدور الأشياء من الله سبحانه بمشيئته وإعمال سلطنته وقدرته (2). وقد وضعنا هناك الحجر الأساسي للفرق بين زاوية الأفعال الاختيارية، وزاوية المعاليل الطبيعية، وعلى أساس هذا الفرق تحل المشكلة.
الثالث: أنه لا يمكن على ضوء هذه النظرية إثبات علة أولي للعالم التي لم تنبثق عن علة سابقة.
والسبب في ذلك: أن سلسلة المعاليل والحلقات المتصاعدة التي ينبثق بعضها من بعض لا تخلو: من أن تتصاعد تصاعدا لا نهائيا، أو تكون لها نهاية، ولا ثالث لهما.
فعلى الأول هو التسلسل الباطل، ضرورة أن هذه الحلقات جميعا معلولات وارتباطات فتحتاج في وجودها إلى علة أزلية واجبة الوجود كي تنبثق منها، وإلا استحال تحققها.
وعلى الثاني لزم وجود المعلول بلا علة، وذلك لأن للسلسلة إذا كانت نهاية