تلك الصفة لا النفس. وإما لأجل أن الإرادة حيث إنها صفة قهرية منتهية إلى الإرادة الأزلية توجب كون الفعل المترتب عليها قهريا غير اختياري، فلابد من فرض فعل نفساني وهو عين الاختيار، لئلا يلزم كون الفعل بواسطة هذه الصفة القهرية قهريا.
فإن كان الأول ففيه: أن العلة الفاعلية لحركة العضلات هي النفس بواسطة اتحادها مع القوى، والعلم والقدرة والإرادة مصححات لفاعلية النفس، وبها تكون النفس فاعلا بالفعل، والفعل مستند إلى النفس، وهي العلة الفاعلية دون شرائط الفاعلية كما في غير المقام، فإن المقتضى يستند إلى المقتضي دون الشرائط وإن كان له ترتب على المقتضى وشرائطه، فمن هذه الحيثية لا حاجة إلى فعل نفساني يكون محققا للاستناد.
وإن كان الثاني ففيه: أن هذا الأمر المسمى بالاختيار: إن كان عين تأثير النفس في حركة العضلات وفاعليتها لها فلا محالة لا مطابق له في النفس ليكون أمرا ما وراء الإرادة، إذ ماله مطابق بالذات ذات العلة والمعلول وذات الفاعل والمفعول، وحيثية العلية والتأثير والفاعلية انتزاعية، ولا يعقل أن يكون لها مطابق، إذ لو كان لها مطابق في الخارج لاحتاج ذلك المطابق إلى فاعل، والمفروض أن لحيثية فاعلية هذا الفاعل أيضا مطابق فيه...، وهكذا إلى ما لا نهاية له، ولأجل ذلك لا يعقل أن يكون لهذه الأمور الانتزاعية مطابق بالذات، بل هي منتزعة عن مقام الذات، فلا واقع موضوعي لها أصلا.
وإن كان أمرا قائما بالنفس فنقول: إن قيامه بها قيام الكيف بالمتكيف، فحاله حال الإرادة من حيث كونه صفة نفسانية داخلة في مقولة الكيف النفساني، فكل ما هو محذور ترتب حركة العضلات على صفة الإرادة وارد على ترتب الحركات على الصفة المسماة بالاختيار، فإنها أيضا صفة تحصل في النفس بمبادئها قهرا فالفعل المترتب عليها كذلك (1).