عليها، اللازمة تحصيلها بحيث لولاها لم تكن واجبة.
وعلى الجملة: فعلى ضوء هذا التعريف لا يكون واجب نفسي ما عدا معرفة الباري عز وجل، حيث إنها غاية الغايات، فلا غاية فوقها، وأما غيرها من الواجبات بشتى ألوانها وأشكالها واجبات لأجل التوصل إلى غايات مترتبة عليها بناء على المسلك الصحيح، وهو مسلك العدلية.
وأجيب عنه كما حكي في الكفاية: بأن تلك الغايات المترتبة عليها خارجة عن الاختيار فلا تتعلق القدرة بها، وعليه فلا يعقل وجوبها وتعلق الخطاب بها (1).
وأورد عليه صاحب الكفاية (قدس سره): بأنها وإن كانت في حد أنفسها وبلا واسطة خارجة عن إطار القدرة إلا أنها مع الواسطة مقدورة لدخول أسبابها تحت القدرة.
ومن الطبيعي أن القدرة على السبب قدرة على المسبب، وإلا لم يصح وقوع مثل التطهير والتمليك والتزويج والطلاق والعتاق... إلى غير ذلك من المسببات موردا لحكم من الأحكام التكليفية الشرعية كما هو واضح (2).
هذا، وقد أجاب (قدس سره) عن الإشكال المزبور بوجه آخر، وإليك نصه: (فالأولى أن يقال: إن الأثر المترتب عليه وإن كان لازما إلا أن ذا الأثر لما كان معنونا بعنوان حسن يستقل العقل بمدح فاعله، بل ويذم تاركه صار متعلقا للإيجاب بما هو كذلك، ولا ينافيه كونه مقدمة لأمر مطلوب واقعا، بخلاف الواجب الغيري لتمحض وجوبه في أنه لكونه مقدمة لواجب نفسي، وهذا أيضا لا ينافي أن يكون معنونا بعنوان حسن في نفسه، إلا أنه لا دخل له في إيجابه الغيري، ولعله مراد من فسرهما بما أمر به لنفسه، وما أمر به لأجل غيره فلا يتوجه عليه بأن جل الواجبات - لولا الكل - يلزم أن يكون من الواجبات الغيرية، فإن المطلوب النفسي قل ما يوجد في الأوامر، فإن جلها مطلوبات لأجل الغايات التي هي خارجة عن حقيقتها) (3).
وملخص ما أفاده (قدس سره): هو أن ملاك الواجب النفسي ما كان وجوبه لأجل