المراد من الكلام في الآية الكريمة الكلام اللفظي، ضرورة استحالة كون ذاته المقدسة محلا للحادث.
ومن ناحية رابعة: أن الكلام النفسي حيث إنه ليس من مقولة الألفاظ فلا يلزم من قيامه بذاته تعالى قيام الحادث بالقديم.
فالنتيجة على ضوء هذه النواحي: هي أن كلامه تعالى نفسي لا لفظي.
ولنأخذ بالنقد على هذا الدليل: أن صفاته تعالى على نوعين:
الأول: الصفات الذاتية: كالعلم، والقدرة، والحياة، وما يؤول إليها، فإن هذه الصفات عين ذاته تعالى في الخارج، فلا اثنينية فيه ولا مغايرة، وإن قيامها بها قيام عيني، وهو من أعلى مراتب القيام وأظهر مصاديقه، لا قيام صفة بموصوفها، أو قيام الحال بمحله. ومن هنا ورد في الروايات: " أن الله تعالى وجود كله، وعلم كله، وقدرة كله، وحياة كله " (1). وإلى هذا المعنى يرجع قول أمير المؤمنين (عليه السلام) في نهج البلاغة: " وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف " (2).
الثاني: الصفات الفعلية: كالخلق، والرزق، والرحمة، وما شاكلها فإن هذه الصفات ليست عين ذاته تعالى. حيث إن قيامها بها ليس قياما عينيا كالصفات الذاتية. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: أن قيام هذه الصفات بذاته تعالى ليس من قيام الحال بمحله، والوجه في ذلك: أن هذه الصفات لا تخلو من أن تكون حادثة، أو تكون قديمة، ولا ثالث لهما. فعلى الأول لزم قيام الحادث بذاته تعالى، وهو مستحيل، وعلى الثاني لزم تعدد القدماء وقد برهن في محله استحالة ذلك.
فالنتيجة على ضوئهما أمران:
الأول: أن مبادئ هذه الصفات أفعاله تعالى الاختيارية.