يحتوي ما أفاده (قدس سره) على عدة نقاط:
الأولى: أن مفهوم الإرادة غير مفهوم العلم، فإن مفهوم الإرادة الابتهاج والرضا، ومفهوم العلم الانكشاف، فلا يصح تفسير أحدهما بالآخر وإن كان مطابقهما واحدا وهو ذاته تعالى.
الثانية: أن إرادته تعالى من الصفات الذاتية العليا: كالعلم والقدرة وما شاكلهما، وليست من الصفات الفعلية.
الثالثة: أن الإرادة فينا عبارة عن الشوق الأكيد المحرك للقوة العاملة المحركة للعضلات نحو المراد، وتحققها ووجودها في النفس يتوقف على مقدمات:
كالتصور والتصديق بالفائدة ونحوهما. ومن الواضح أن الإرادة بهذا المعنى لا تتصور في حقه سبحانه وتعالى، فإن فاعليته تامة لا نقصان فيها أبدا، وأنه فاعل بنفس ذاته العليمة المريدة، ولا تتوقف فاعليته على أية مقدمة خارجة عن ذاته تعالى.
الرابعة: أن الابتهاج في مرحلة الفعل هو الإرادة الفعلية المنبعثة عن الابتهاج الذاتي الذي هو الإرادة الذاتية، والروايات الدالة على حدوث الإرادة إنما يراد بها الإرادة الفعلية التي هي من آثار إرادته الذاتية.
ولنأخذ بالنظر في هذه النقاط:
أما النقطة الأولى: فهي تامة من ناحية، وهي: أن مفهوم الإرادة غير مفهوم العلم. وخاطئة من ناحية أخرى، وهي: أن مفهوم الإرادة الابتهاج والرضا.
أما تماميتها من الناحية الأولى فلما ذكرناه في بحث المشتق: من أن مفاهيم الصفات العليا الذاتية مختلفة ومتباينة، فإن مفهوم العلم غير مفهوم القدرة... وهكذا، ولا فرق في ذلك بين الواجب والممكن.
نعم، يفترق الواجب عن الممكن في نقطة أخرى، وهي: أن مطابق هذه