الأول: أن الإطلاق الشمولي: عبارة عن انحلال الحكم المعلق على الطبيعة المأخوذة على نحو مطلق الوجود، فيتعدد الحكم بتعدد أفرادها في الخارج، أو أحوالها، ويثبت لكل فرد منها حكم مستقل، وذلك مثل: " لا تكرم فاسقا " فإن الفاسق لوحظ على نحو مطلق الوجود موضوعا لحرمة الإكرام، فطبعا تتعدد الحرمة بتعدد وجوده خارجا، فيثبت لكل فرد منه حرمة مستقلة.
والإطلاق البدلي: عبارة عن حكم واحد مجعول للطبيعة على نحو صرف الوجود القابل للانطباق على كل فرد من أفرادها على البدل.
وبكلمة أخرى: أن الحكم في الإطلاق الشمولي بما أنه مجعول على الطبيعة الملحوظة على نحو مطلق الوجود فبطبيعة الحال ينحل بانحلالها ويتعدد بتعدد أفرادها، وفي الإطلاق البدلي بما أنه مجعول على الطبيعة الملحوظة على نحو صرف الوجود فلا محالة لا ينحل بانحلالها، ولا يتعدد بتعدد وجودها، بل هو حكم واحد ثابت لفرد ما منها. ونتيجة ذلك: هي تخيير المكلف في تطبيق ذلك على أي فرد منها شاء وأراد.
وعلى هذا الأساس فإذا دار الأمر بين رفع اليد عن الإطلاق البدلي والتحفظ على الإطلاق الشمولي وبين العكس تعين الأول، والسبب فيه: هو أن رفع اليد عن الإطلاق البدلي لا يوجب إلا تضييق سعة انطباقه على أفراده وتقييدها على بعضها دون بعضها الآخر، من دون تصرف في الحكم الشرعي أصلا، وهذا بخلاف التصرف في الإطلاق الشمولي فإنه يوجب رفع اليد عن الحكم في بعض أفراده، ومن المعلوم أنه إذا دار الأمر بين التصرف في الحكم ورفع اليد عنه وبين رفع اليد عن التوسعة مع المحافظة على الحكم تعين الثاني. وعلى هذا الضوء لو دار الأمر بين رفع اليد عن إطلاق مثل: " أكرم عالما " وإطلاق مثل: " لا تكرم فاسقا " تعين رفع اليد عن إطلاق الأول دون الثاني (1).
ولنأخذ بالنقد عليه:
أما أولا: فلأن ما ذكره (قدس سره) من الوجه لتقديم الإطلاق الشمولي على البدلي