المأمور به كالصلاة - مثلا - بالوقت كحال تقييده بغيره من القيود، فكما أن المتفاهم العرفي من تقييده بأمر زماني هو وحدة المطلوب لا تعدده، وأن المأمور به هو الطبيعي المقيد بهذا القيد فكذلك المتفاهم العرفي من تقييده بوقت خاص فلا فرق بينهما من هذه الناحية أصلا.
هذا في التقييد بالمتصل واضح كقوله تعالى: * (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل) * (1) حيث لا يستفاد منه عرفا إلا أمر واحد متعلق بحصة خاصة من الصلاة، وهي الصلاة في هذا الوقت الخاص، لفرض عدم انعقاد ظهور للمطلق في الإطلاق.
وأما إذا كان التقييد بدليل منفصل فقد يتوهم تعدد المطلوب ببيان: أنه لا يوجب انقلاب ظهور المطلق في الإطلاق إلى التقييد، غاية الأمر أنه يدل على أنه مطلوب في الوقت أيضا. فالنتيجة: هي تعدد المطلوب، بمعنى: أن الفعل مطلوب في الوقت لأجل دلالة هذه القرينة المنفصلة، ومطلوب في خارجه لأجل إطلاق الدليل الأول.
ولكن هذا التوهم خاطئ جدا، وذلك لعدم الفرق في ذلك بين القرينة المتصلة والقرينة المنفصلة، فكما أن القرينة المتصلة تدل على التقييد وعلى كون مراد المولى هو المقيد بهذا الزمان الخاص فكذلك القرينة المنفصلة فإنها تدل على تقييد إطلاق دليل المأمور به وكون المراد الجدي من الأول هو المقيد.
نعم، فرق بينهما من ناحية أخرى، وهي: أن القرينة المتصلة مانعة عن ظهور الدليل في الإطلاق، ومعها لا ينعقد له ظهور، والقرينة المنفصلة مانعة عن حجية ظهوره في الإطلاق دون أصله. ولكن من الواضح أن مجرد هذا لا يوجب التفاوت بينهما في محل الكلام، ضرورة أنهما تشتركان في سقوط الإطلاق عن الحجية والكاشفية عن المراد الجدي، وعدم إمكان التمسك به، غاية الأمر على