سنخ الكلام ليقال: إنه كلام نفسي، ضرورة أن الكلام النفسي عند القائلين به وإن كان موجودا نفسانيا إلا أن كل موجود نفساني ليس بكلام نفسي، بل لابد أن يكون سنخ وجوده سنخ وجود الكلام، لفرض أنه ليس من سنخ وجود الصفات المعروفة الموجودة في النفس. ومن المعلوم أن قصد الحكاية على رأينا وثبوت النسبة على رأي المشهور ليس من ذلك.
وبكلمة واضحة: إذا حللنا الجمل الخبرية تحليلا موضوعيا وفحصنا مداليلها في اطاراتها الخاصة فلا نجد فيها سوى عدة أمور:
الأول: تصور معاني مفرداتها بموادها وهيئاتها.
الثاني: تصور معاني هيئاتها التركيبية.
الثالث: تصور مفردات الجملة.
الرابع: تصور هيئاتها.
الخامس: تصور مجموع الجملة.
السادس: تصور معنى الجملة.
السابع: التصديق بمطابقتها للواقع، أو بعدم مطابقتها له.
الثامن: إرادة إيجادها في الخارج.
التاسع: الشك في ذلك.
وبعد ذلك نقول: إن شيئا من هذه الأمور ليس من سنخ الكلام النفسي عند القائلين به.
أما الأول: فواضح، إذ الكلام النفسي عند القائلين به ليس من سنخ المعنى أولا على ما سيأتي بيانه (1). وليس من سنخ المعنى المفرد ثانيا.
وأما الثاني: فلأن الكلام النفسي - كما ذكروه - صفة قائمة بالنفس كسائر الصفات النفسانية، ومن الطبيعي أن المعنى ليس كذلك فإنه مع قطع النظر عن