وجوده وتحققه في الذهن ليس قائما بها، ومع لحاظ وجوده وتحققه فيه وإن كان قائما بها إلا أنه بهذا اللحاظ علم وليس بكلام نفسي على الفرض.
وعلى ضوء هذا البيان يظهر حال جميع الأمور الباقية، فإن الثالث، والرابع، والخامس، والسادس، والتاسع من مقولة العلم التصوري، والسابع من مقولة العلم التصديقي، والثامن من مقولة الإرادة.
فالنتيجة: أن الكلام النفسي بهذا الإطار الخاص عند القائلين به غير متصور في موارد الجمل الخبرية، وحينئذ فلا يخرج عن مجرد افتراض ولقلقة لسان بلا واقع موضوعي له.
وأما الجمل الإنشائية: فقد سبق الكلام فيها بشكل مفصل، وقلنا هناك: إن نظريتنا فيها تختلف عن نظرية المشهور، حيث إن المشهور قد فسروا الإنشاء بإيجاد المعنى باللفظ.
ولكن قد حققنا هناك: أنا لا نعقل لذلك معنى صحيحا معقولا، والسبب في ذلك: هو أنهم لو أرادوا بالإيجاد الإيجاد التكويني كإيجاد الجوهر والعرض فبطلانه من البديهيات التي لا تقبل الشك، ضرورة أن الموجودات الخارجية - بشتى أشكالها وأنواعها - ليست مما توجد بالألفاظ. كيف والألفاظ ليست واقعة في سلسلة عللها وأسبابها كي توجد بها؟
وإن أرادوا به الإيجاد الاعتباري كإيجاد الوجوب والحرمة أو الملكية والزوجية وغير ذلك فيرده: أنه يكفي في ذلك نفس الاعتبار النفساني من دون حاجة إلى اللفظ والتكلم به، ضرورة أن اللفظ في الجملة الإنشائية لا يكون علة لإيجاد الأمر الاعتباري، ولا واقعا في سلسلة علته، لوضوح أنه يتحقق بنفس اعتبار المعتبر في أفق النفس، سواء أكان هناك لفظ يتلفظ به أم لم يكن (1).
ودعوى: أن مرادهم بذلك الإيجاد التنزيلي ببيان أن وجود اللفظ في الخارج