الاضطراري، وذلك كما إذا كان الموضوع للأمر الاضطراري وجود العذر، وإن كان غير المستوعب لتمام الوقت ففي مثله يقع الكلام في أن الإتيان به هل هو مجز عن الواقع أو أنه غير مجز؟
وأما إذا كان الموضوع له العذر المستوعب لتمام الوقت فلا مجال للنزاع هنا أصلا، وذلك لعدم الأمر - حينئذ - واقعا ليقال: إن امتثاله مجز عن الواقع أم لا؟
وذلك كما لو اعتقد المكلف استيعاب العذر في تمام الوقت فصلى في أول الوقت ثم انكشف الخلاف وظهر أن العذر لم يكن مستوعبا ففي مثل ذلك لا أمر واقعا ولا ظاهرا ليقال: إن امتثاله مجز عن الواقع أم لا؟
وأما إذا قامت الحجة على الاستيعاب وصلى في أول الوقت ثم انكشف الخلاف فهو داخل في المسألة الثالثة، وهي: إجزاء الإتيان بالمأمور به بالأمر الظاهري عن الواقع، وعدم إجزائه عنه، وخارج عن مسألتنا هذه.
وإن شئت فقل: إن محل البحث في هذه المسألة: هو ما إذا كان الموضوع للأمر الواقعي الاضطراري وجود العذر في زمان الإتيان بالواجب، لا العذر المستوعب لجميع الوقت، وإلا فلا يجوز البدار حقيقة، فإن جوازه - حينئذ - مستند إلى أحد أمرين: إما إلى القطع باستيعاب العذر، أو إلى قيام أمارة كالبينة أو نحوها على الاستيعاب، ومع انكشاف الخلاف في هاتين الصورتين ينكشف أنه لا أمر اضطراري واقعا ليقع البحث في إجزائه عن الواقع وعدمه.
نعم، في الصورة الثانية الأمر الظاهري موجود، ومن هنا قلنا بدخول هذه الصورة في المسألة الآتية. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: أن محل الكلام في إجزاء الإتيان بالمأمور به بالأمر الاضطراري عن الواقع وعدمه فيما إذا كان الأمر الاضطراري ناشئا عن مصلحة الواقع. وأما إذا كان ناشئا عن مصلحة أخرى أجنبية عن مصلحة الواقع فهو خارج عن محل الكلام، وذلك كالأمر في موارد التقية حيث إنه نشأ من المصلحة الكامنة في نفس الاتقاء، وهو حفظ النفس أو العرض أو المال، ومن الطبيعي أن تلك