بقرينة قوله (عليه السلام) في صحيحة إسحاق بن عمار: " صل واجعلها لما فات " (1).
وبتعبير آخر: أن المستفاد من تلك الطائفة من الروايات: هو أن إعادة الصلاة جماعة بعد الإتيان بها فرادى أمر مستحب، فيكون الإتيان بها بقصد ذلك الأمر الاستحبابي. نعم، من كان في ذمته قضاء فله أن يجعلها لما فات.
فالنتيجة: أنها أجنبية عن الدلالة على جواز الامتثال بعد الامتثال بالكلية، فضلا عن الدلالة على أن سقوط الأمر الأول مراعى بعدم تعقب الامتثال الآخر جماعة.
وأما ما ورد من الرواية: من أن الله تعالى اختار أحبهما إليه (2) فيرده: ضعف السند فلا يمكن الاعتماد عليه، وعلى تقدير تسليم سنده فهو لا يدل على جواز تبديل الامتثال بالامتثال الآخر، وكون سقوط الأمر مراعى بعدم تعقب الأفضل، وذلك لأن معناه - والله العالم - هو: أن الله تعالى يعطي ثواب الجماعة فإنها عنده تعالى أحب من الصلاة فرادى، وهذا تفضل منه تعالى، ولا سيما إذا قلنا بأن أصل الثواب من باب التفضل، لا من باب الاستحقاق، وكيف ما كان، فهذه الرواية ساقطة كغيرها من الروايات، فلا وجه لإطالة الكلام فيها كما عن شيخنا المحقق (3) (قدس سره)، مع أن ما أفاده (قدس سره) في تفسير هذه الرواية خارج عن الفهم العرفي، وراجع إلى الدقة الفلسفية كما لا يخفى.
وعلى ضوء هذا البيان قد ظهر فساد ما احتمله شيخ الطائفة (قدس سره) في التهذيب، واليك نصه: والمعنى في هذا الحديث (قوله (عليه السلام): يصلي معهم ويجعلها الفريضة إن شاء): أن من صلى ولم يفرغ (4) من صلاته ووجد جماعة فليجعلها نافلة ثم يصلي في جماعة، وليس ذلك لمن فرغ من صلاته بنية الفرض، لأن من صلى الفرض بنية الفرض فلا يمكن أن يجعلها غير فرض (5). وأيده الوحيد (6) (قدس سره) بقوله: